لینک دانلود و خرید پایین توضیحات
دسته بندی : وورد
نوع فایل : word (..doc) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )
تعداد صفحه : 51 صفحه
قسمتی از متن word (..doc) :
2
سوره بقره – آیات 15-20
جامع البیان (طبری)
اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ
الْقَوْل فِی تَأْوِیل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اُخْتُلِفَ فِی صِفَة اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ جَلَاله الَّذِی ذُکِرَ أَنَّهُ فَاعِله بِالْمُنَافِقِینَ الَّذِینَ وَصَفَ صِفَتهمْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ کَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا تَبَارَکَ اسْمه أَنَّهُ فَاعِل بِهِمْ یَوْم الْقِیَامَة فِی قَوْله تَعَالَى : { یَوْم یَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِینَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورکُمْ قِیلَ ارْجِعُوا وَرَاءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَیْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِیهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب یُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ قَالُوا بَلَى } 57 13 : 14 الْآیَة , وَکَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فَعَلَ بِالْکُفَّارِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ خَیْرًا لِأَنْفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدَادُوا إثْمًا } 3 78 فَهَذَا وَمَا أَشَبَهه مِنْ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ وَعَزَّ وَسُخْرِیَّته وَمَکْره وَخَدِیعَته لِلْمُنَافِقِینَ وَأَهْل الشِّرْک بِهِ , عِنْد قَائِلِی هَذَا الْقَوْل وَمُتَأَوِّلِی هَذَا التَّأْوِیل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ : تَوْبِیخه إیَّاهُمْ وَلَوْمه لَهُمْ عَلَى مَا رَکِبُوا مِنْ مَعَاصِی اللَّه وَالْکُفْر بِهِ , کَمَا یُقَال : إنَّ فُلَانًا لَیَهْزَأ مِنْهُ الْیَوْم وَیَسْخَر مِنْهُ ; یُرَاد بِهِ تَوْبِیخ النَّاس إیَّاهُ وَلَوْمهمْ لَهُ , أَوْ إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ , کَمَا قَالَ عُبَیْد بْن الْأَبْرَص : سَائِل بِنَا حُجْر ابْن أَمْ قَطَام إذْ ظَلَّتْ بِهِ السُّمْر النَّوَاهِل تَلْعَب فَزَعَمُوا أَنَّ السُّمْر وَهِیَ الْقَنَا لَا لَعِب مِنْهَا , وَلَکِنَّهَا لَمَا قَتَلَتْهُمْ وَشَرَّدَتْهُمْ جَعَلَ ذَلِکَ مِنْ فِعْلهَا لَعِبًا بِمَنْ فَعَلَتْ ذَلِکَ بِهِ ; قَالُوا : فَکَذَلِکَ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمِنْ اسْتَهْزَأَ بِهِ مِنْ أَهْل النِّفَاق وَالْکُفْر بِهِ , إمَّا إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ وَإِمَّا إمْلَاؤُهُ لَهُمْ لِیَأْخُذهُمْ فِی حَال أَمْنهمْ عِنْد أَنْفُسهمْ بَغْتَة , أَوْ تَوْبِیخه لَهُمْ وَلِأَئِمَّتِهِ إیَّاهُمْ قَالُوا : وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْمَکْر مِنْهُ وَالْخَدِیعَة وَالسُّخْرِیَة . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِینَ آمَنُوا وَمَا یَخْدَعُونَ إلَّا أَنْفُسهمْ } عَلَى الْجَوَاب , کَقَوْلِ الرَّجُل لِمَنْ کَانَ یَخْدَعهُ إذَا ظَفَرَ بِهِ : أَنَا الَّذِی خَدَعْتُک وَلَمْ تَکُنْ مِنْهُ خَدِیعَة وَلَکِنْ قَالَ ذَلِکَ إذْ صَارَ الْأَمْر إلَیْهِ . قَالُوا : وَکَذَلِکَ قَوْله : { وَمَکَرُوا وَمَکَرَ اللَّه وَاَللَّه خَیْر الْمَاکِرِینَ } 3 54 وَاَللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ عَلَى الْجَوَاب , وَاَللَّه لَا یَکُون مِنْهُ الْمَکْر وَلَا الْهُزْء . وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمَکْر وَالْهُزْء حَاقّ بِهِمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَقَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } 4 142 وَقَوْله : { فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ } 9 79 و { نَسُوا اللَّه فَنَسِیَهُمْ } 9 67 وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ , إخْبَار مِنْ اللَّه أَنَّهُ مُجَازِیهمْ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء , وَمُعَاقِبهمْ عُقُوبَة الْخِدَاع . فَأَخْرَجَ خَبَره عَنْ جَزَائِهِ وَمَا إیَّاهُمْ وَعِقَابه لَهُمْ مَخْرَج خَبَره عَنْ فِعْلهمْ الَّذِی عَلَیْهِ اسْتَحَقُّوا الْعِقَاب فِی اللَّفْظ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَیَانِ , کَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَزَاء سَیِّئَة سَیِّئَة مِثْلهَا } 42 40 وَمَعْلُوم أَنَّ الْأُولَى مِنْ صَاحِبهَا سَیِّئَة إذْ کَانَتْ مِنْهُ لِلَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَى مَعْصِیَة , وَأَنَّ الْأُخْرَى عَدْل لِأَنَّهَا مِنْ اللَّه جَزَاء لِلْعَاصِی عَلَى الْمَعْصِیَة . فَهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَ لَفْظَاهُمَا مُخْتَلِفًا الْمَعْنَى . وَکَذَلِکَ قَوْله : { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ } 2 194 فَالْعُدْوَان الْأَوَّل ظُلْم , وَالثَّانِی جَزَاء لَا ظُلْم , بَلْ هُوَ عَدْل ; لِأَنَّهُ عُقُوبَة لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمه وَإِنْ وَافَقَ لَفْظه لَفْظ الْأَوَّل . وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَجَّهُوا کُلّ مَا فِی الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِکَ مِمَّا هُوَ خَبَر عَنْ مَکْر اللَّه جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْمٍ , وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ . وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّ مَعْنَى ذَلِکَ أَنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِینَ أَنَّهُمْ إذَا خَلَوْا إلَى مَرَدَتهمْ قَالُوا : إنَّا مَعَکُمْ عَلَى دِینکُمْ فِی تَکْذِیب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ , وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِر لَهُمْ مِنْ قَوْلنَا لَهُمْ صَدَّقْنَا بِمُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا جَاءَ بِهِ مُسْتَهْزِئُونَ . یَعْنُونَ : إنَّا نُظْهِر لَهُمْ مَا هُوَ عِنْدنَا بَاطِل لَا حَقّ وَلَا هُدًى . قَالُوا : وَذَلِکَ هُوَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِی الِاسْتِهْزَاء . فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ بِهِمْ فَیَظْهَر لَهُمْ مِنْ أَحْکَامه فِی الدُّنْیَا خِلَاف الَّذِی لَهُمْ عِنْده فِی الْآخِرَة , کَمَا أَظَهَرُوا لِلنَّبِیِّ صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِینَ فِی الدِّین مَا هُمْ عَلَى خِلَافه فِی سَرَائِرهمْ . وَالصَّوَاب فِی ذَلِکَ مِنْ الْقَوْل وَالتَّأْوِیل عِنْدنَا , أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء فِی کَلَام الْعَرَب : إظْهَار الْمُسْتَهْزِئ لِلْمُسْتَهْزَإِ بِهِ مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل مَا یُرْضِیه وَیُوَافِقهُ ظَاهِرًا , وَهُوَ بِذَلِکَ مِنْ قَیْله وَفِعْله بِهِ مُوَرِّثه مُسَاءَة بَاطِنًا , وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْخِدَاع وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر . وَإِذْ کَانَ ذَلِکَ کَذَلِکَ , وَکَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ النِّفَاق فِی الدُّنْیَا مِنْ الْأَحْکَام بِمَا أَظَهَرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه الْمُدْخِل لَهُمْ فِی عِدَاد مَنْ یَشْمَلهُ اسْم الْإِسْلَام وَإِنْ کَانُوا لِغَیْرِ ذَلِکَ مُسْتَبْطِنِینَ مِنْ أَحْکَام الْمُسْلِمِینَ الْمُصَدِّقِینَ إقْرَارهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِذَلِکَ بِضَمَائِر قُلُوبهمْ وَصَحَائِح عَزَائِمهمْ وَحَمِید أَفْعَالهمْ الْمُحَقِّقَة لَهُمْ صِحَّة إیمَانهمْ , مَعَ عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِکَذِبِهِمْ , وَاطِّلَاعه عَلَى خُبْث اعْتِقَادهمْ وَشَکّهمْ فِیمَا ادَّعَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّهُمْ مُصَدِّقُونَ حَتَّى ظَنُّوا فِی الْآخِرَة إذْ حُشِرُوا فِی عِدَاد مَنْ کَانُوا فِی عِدَادهمْ فِی الدُّنْیَا أَنَّهُمْ وَارِدُونَ مَوْرِدهمْ وَدَاخِلُونَ مَدْخَلهمْ , وَاَللَّه جَلَّ جَلَاله مَعَ إظْهَاره مَا قَدْ أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْکَام لِمُلْحَقَتِهِمْ فِی عَاجِل الدُّنْیَا وَآجِل الْآخِرَة إلَى حَال تَمْیِیزه بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ وَتَفْرِیقه بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ ; مُعَدٍّ لَهُمْ مِنْ أَلِیم عِقَابه وَنَکَال عَذَابه مَا أَعَدَّ مِنْهُ لِأَعْدَى أَعْدَائِهِ وَأَشَرّ عِبَاده , حَتَّى مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ فَأَلْحَقَهُمْ مِنْ طَبَقَات جَحِیمه بِالدَّرْکِ الْأَسْفَل . کَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِکَ مِنْ فِعْله بِهِمْ , وَإِنْ کَانَ جَزَاء لَهُمْ عَلَى أَفْعَالهمْ وَعَدْلًا مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِکَ بِهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إیَّاهُ مِنْهُ بِعِصْیَانِهِمْ لَهُ کَانَ بِهِمْ بِمَا أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأُمُور الَّتِی أَظْهَرَهَا لَهُمْ مِنْ إلْحَاقه أَحْکَامهمْ فِی الدُّنْیَا بِأَحْکَامِ أَوْلِیَائِهِ وَهُمْ لَهُ أَعْدَاء , وَحَشْره إیَّاهُمْ فِی الْآخِرَة مَعَ الْمُؤْمِنِینَ وَهُمْ بِهِ مِنْ الْمُکَذِّبِینَ إلَى أَنْ مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ , مُسْتَهْزِئًا وَسَاخِرًا وَلَهُمْ خَادِعًا وَبِهِمْ مَاکِرًا . إذْ کَانَ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر وَالْخَدِیعَة مَا وَصَفْنَا قَبْل , دُون أَنْ یَکُون ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی حَال فِیهَا الْمُسْتَهْزِئ بِصَاحِبِهِ لَهُ ظَالِم أَوْ عَلَیْهِ فِیهَا غَیْر عَادِل , بَلْ ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی کُلّ أَحْوَاله إذَا وُجِدَتْ الصِّفَات الَّتِی قَدَّمْنَا ذِکْرهَا فِی مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَمَا أَشَبَهه مِنْ نَظَائِره . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِیهِ رُوِیَ الْخَبَر عَنْ ابْن عَبَّاس . 307 - حَدَّثَنَا أَبُو کُرَیْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِید , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عَمَّار عَنْ أَبِی رَوْق , عَنْ الضَّحَّاک , عَنْ ابْن عَبَّاس فِی قَوْله : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ : یَسْخَر بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنْهُمْ . وَأَمَّا الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِکْره : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْه الْجَوَاب , وَأَنَّهُ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة ; فَنَافُونَ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ أَثَبَتَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَأَوْجَبَهُ لَهَا . وَسَوَاء قَالَ قَائِل : لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه جَلَّ ذِکْره اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة وَلَا سُخْرِیَة بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ وَیَسْخَر وَیَمْکُر بِهِ , أَوْ قَالَ : لَمْ یَخْسِف اللَّه بِمَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِ مِنْ الْأُمَم , وَلَمْ یُغْرِق مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُ مِنْهُمْ . وَیُقَال لِقَائِلِ ذَلِکَ : إنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ مَکَرَ بِقَوْمِ مَضَوْا قَبْلنَا لَمْ نَرَهُمْ , وَأَخْبَرَ عَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِمْ , وَعَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُمْ , فَصَدَّقْنَا اللَّه تَعَالَى ذِکْره فِیمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ ذَلِکَ , وَلَمْ نُفَرِّق بَیْن شَیْء مِنْهُ , فَمَا بُرْهَانک عَلَى تَفْرِیقک مَا فَرَّقْت بَیْنه بِزَعْمِک أَنَّهُ قَدْ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِهِ , وَلَمْ یَمْکُر بِهِ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ مَکَرَ بِهِ ؟ ثُمَّ نَعْکِس الْقَوْل عَلَیْهِ فِی ذَلِکَ فَلَنْ یَقُول فِی أَحَدهمَا شَیْئًا إلَّا أُلْزِمَ فِی الْآخَر مِثْله . فَإِنْ لَجَأَ إلَى أَنْ یَقُول إنَّ الِاسْتِهْزَاء عَبَث وَلَعِب , وَذَلِکَ عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْفِیّ . قِیلَ لَهُ : إنْ کَانَ الْأَمْر عِنْدک عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء , أَفَلَسْت تَقُول : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ وَمَکَرَ اللَّه بِهِمْ , وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه عِنْدک هُزْء وَلَا سُخْرِیَة ؟ فَإِنْ قَالَ : " لَا " کَذَّبَ بِالْقُرْآنِ وَخَرَجَ عَنْ مِلَّة الْإِسْلَام , وَإِنْ قَالَ : " بَلَى " , قِیلَ لَهُ : أَفَتَقُول مِنْ الْوَجْه الَّذِی قُلْت : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ ; یَلْعَب اللَّه بِهِمْ وَیَعْبَث , وَلَا لَعِب مِنْ اللَّه وَلَا عَبَث ؟ فَإِنْ قَالَ : " نَعَمْ " , وَصَفَ اللَّه بِمَا قَدْ أَجَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَفِیه عَنْهُ وَعَلَى تَخْطِئَة وَاصِفه بِهِ , وَأَضَافَ إلَیْهِ مَا قَدْ قَامَتْ الْحُجَّة مِنْ الْعُقُول عَلَى ضَلَال مُضِیفه إلَیْهِ . وَإِنْ قَالَ : لَا أَقُول یَلْعَب اللَّه بِهِ وَلَا یَعْبَث , وَقَدْ أَقُول یَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَیَسْخَر مِنْهُمْ ; قِیلَ : فَقَدْ فَرَّقْت بَیْن مَعْنَى اللَّعِب , وَالْعَبَث , وَالْهُزْء , وَالسُّخْرِیَة , وَالْمَکْر , وَالْخَدِیعَة . وَمِنْ الْوَجْه الَّذِی جَازَ قِیلَ هَذَا وَلَمْ یَجُزْ قِیلَ هَذَا افْتَرَقَ مَعْنَیَاهُمَا , فَعُلِمَ أَنَّ لِکُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مَعْنًى غَیْر مَعْنَى الْآخَر . وَلِلْکَلَامِ فِی هَذَا النَّوْع مَوْضِع غَیْر هَذَا کَرِهْنَا إطَالَة الْکِتَاب بِاسْتِقْصَائِهِ , وَفِیمَا ذَکَرْنَا کِفَایَة لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .
2
سوره بقره – آیات 15-20
جامع البیان (طبری)
اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ
الْقَوْل فِی تَأْوِیل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اُخْتُلِفَ فِی صِفَة اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ جَلَاله الَّذِی ذُکِرَ أَنَّهُ فَاعِله بِالْمُنَافِقِینَ الَّذِینَ وَصَفَ صِفَتهمْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ کَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا تَبَارَکَ اسْمه أَنَّهُ فَاعِل بِهِمْ یَوْم الْقِیَامَة فِی قَوْله تَعَالَى : { یَوْم یَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِینَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورکُمْ قِیلَ ارْجِعُوا وَرَاءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَیْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِیهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب یُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ قَالُوا بَلَى } 57 13 : 14 الْآیَة , وَکَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فَعَلَ بِالْکُفَّارِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ خَیْرًا لِأَنْفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدَادُوا إثْمًا } 3 78 فَهَذَا وَمَا أَشَبَهه مِنْ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ وَعَزَّ وَسُخْرِیَّته وَمَکْره وَخَدِیعَته لِلْمُنَافِقِینَ وَأَهْل الشِّرْک بِهِ , عِنْد قَائِلِی هَذَا الْقَوْل وَمُتَأَوِّلِی هَذَا التَّأْوِیل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ : تَوْبِیخه إیَّاهُمْ وَلَوْمه لَهُمْ عَلَى مَا رَکِبُوا مِنْ مَعَاصِی اللَّه وَالْکُفْر بِهِ , کَمَا یُقَال : إنَّ فُلَانًا لَیَهْزَأ مِنْهُ الْیَوْم وَیَسْخَر مِنْهُ ; یُرَاد بِهِ تَوْبِیخ النَّاس إیَّاهُ وَلَوْمهمْ لَهُ , أَوْ إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ , کَمَا قَالَ عُبَیْد بْن الْأَبْرَص : سَائِل بِنَا حُجْر ابْن أَمْ قَطَام إذْ ظَلَّتْ بِهِ السُّمْر النَّوَاهِل تَلْعَب فَزَعَمُوا أَنَّ السُّمْر وَهِیَ الْقَنَا لَا لَعِب مِنْهَا , وَلَکِنَّهَا لَمَا قَتَلَتْهُمْ وَشَرَّدَتْهُمْ جَعَلَ ذَلِکَ مِنْ فِعْلهَا لَعِبًا بِمَنْ فَعَلَتْ ذَلِکَ بِهِ ; قَالُوا : فَکَذَلِکَ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمِنْ اسْتَهْزَأَ بِهِ مِنْ أَهْل النِّفَاق وَالْکُفْر بِهِ , إمَّا إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ وَإِمَّا إمْلَاؤُهُ لَهُمْ لِیَأْخُذهُمْ فِی حَال أَمْنهمْ عِنْد أَنْفُسهمْ بَغْتَة , أَوْ تَوْبِیخه لَهُمْ وَلِأَئِمَّتِهِ إیَّاهُمْ قَالُوا : وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْمَکْر مِنْهُ وَالْخَدِیعَة وَالسُّخْرِیَة . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِینَ آمَنُوا وَمَا یَخْدَعُونَ إلَّا أَنْفُسهمْ } عَلَى الْجَوَاب , کَقَوْلِ الرَّجُل لِمَنْ کَانَ یَخْدَعهُ إذَا ظَفَرَ بِهِ : أَنَا الَّذِی خَدَعْتُک وَلَمْ تَکُنْ مِنْهُ خَدِیعَة وَلَکِنْ قَالَ ذَلِکَ إذْ صَارَ الْأَمْر إلَیْهِ . قَالُوا : وَکَذَلِکَ قَوْله : { وَمَکَرُوا وَمَکَرَ اللَّه وَاَللَّه خَیْر الْمَاکِرِینَ } 3 54 وَاَللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ عَلَى الْجَوَاب , وَاَللَّه لَا یَکُون مِنْهُ الْمَکْر وَلَا الْهُزْء . وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمَکْر وَالْهُزْء حَاقّ بِهِمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَقَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } 4 142 وَقَوْله : { فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ } 9 79 و { نَسُوا اللَّه فَنَسِیَهُمْ } 9 67 وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ , إخْبَار مِنْ اللَّه أَنَّهُ مُجَازِیهمْ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء , وَمُعَاقِبهمْ عُقُوبَة الْخِدَاع . فَأَخْرَجَ خَبَره عَنْ جَزَائِهِ وَمَا إیَّاهُمْ وَعِقَابه لَهُمْ مَخْرَج خَبَره عَنْ فِعْلهمْ الَّذِی عَلَیْهِ اسْتَحَقُّوا الْعِقَاب فِی اللَّفْظ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَیَانِ , کَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَزَاء سَیِّئَة سَیِّئَة مِثْلهَا } 42 40 وَمَعْلُوم أَنَّ الْأُولَى مِنْ صَاحِبهَا سَیِّئَة إذْ کَانَتْ مِنْهُ لِلَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَى مَعْصِیَة , وَأَنَّ الْأُخْرَى عَدْل لِأَنَّهَا مِنْ اللَّه جَزَاء لِلْعَاصِی عَلَى الْمَعْصِیَة . فَهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَ لَفْظَاهُمَا مُخْتَلِفًا الْمَعْنَى . وَکَذَلِکَ قَوْله : { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ } 2 194 فَالْعُدْوَان الْأَوَّل ظُلْم , وَالثَّانِی جَزَاء لَا ظُلْم , بَلْ هُوَ عَدْل ; لِأَنَّهُ عُقُوبَة لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمه وَإِنْ وَافَقَ لَفْظه لَفْظ الْأَوَّل . وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَجَّهُوا کُلّ مَا فِی الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِکَ مِمَّا هُوَ خَبَر عَنْ مَکْر اللَّه جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْمٍ , وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ . وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّ مَعْنَى ذَلِکَ أَنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِینَ أَنَّهُمْ إذَا خَلَوْا إلَى مَرَدَتهمْ قَالُوا : إنَّا مَعَکُمْ عَلَى دِینکُمْ فِی تَکْذِیب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ , وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِر لَهُمْ مِنْ قَوْلنَا لَهُمْ صَدَّقْنَا بِمُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا جَاءَ بِهِ مُسْتَهْزِئُونَ . یَعْنُونَ : إنَّا نُظْهِر لَهُمْ مَا هُوَ عِنْدنَا بَاطِل لَا حَقّ وَلَا هُدًى . قَالُوا : وَذَلِکَ هُوَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِی الِاسْتِهْزَاء . فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ بِهِمْ فَیَظْهَر لَهُمْ مِنْ أَحْکَامه فِی الدُّنْیَا خِلَاف الَّذِی لَهُمْ عِنْده فِی الْآخِرَة , کَمَا أَظَهَرُوا لِلنَّبِیِّ صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِینَ فِی الدِّین مَا هُمْ عَلَى خِلَافه فِی سَرَائِرهمْ . وَالصَّوَاب فِی ذَلِکَ مِنْ الْقَوْل وَالتَّأْوِیل عِنْدنَا , أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء فِی کَلَام الْعَرَب : إظْهَار الْمُسْتَهْزِئ لِلْمُسْتَهْزَإِ بِهِ مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل مَا یُرْضِیه وَیُوَافِقهُ ظَاهِرًا , وَهُوَ بِذَلِکَ مِنْ قَیْله وَفِعْله بِهِ مُوَرِّثه مُسَاءَة بَاطِنًا , وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْخِدَاع وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر . وَإِذْ کَانَ ذَلِکَ کَذَلِکَ , وَکَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ النِّفَاق فِی الدُّنْیَا مِنْ الْأَحْکَام بِمَا أَظَهَرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه الْمُدْخِل لَهُمْ فِی عِدَاد مَنْ یَشْمَلهُ اسْم الْإِسْلَام وَإِنْ کَانُوا لِغَیْرِ ذَلِکَ مُسْتَبْطِنِینَ مِنْ أَحْکَام الْمُسْلِمِینَ الْمُصَدِّقِینَ إقْرَارهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِذَلِکَ بِضَمَائِر قُلُوبهمْ وَصَحَائِح عَزَائِمهمْ وَحَمِید أَفْعَالهمْ الْمُحَقِّقَة لَهُمْ صِحَّة إیمَانهمْ , مَعَ عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِکَذِبِهِمْ , وَاطِّلَاعه عَلَى خُبْث اعْتِقَادهمْ وَشَکّهمْ فِیمَا ادَّعَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّهُمْ مُصَدِّقُونَ حَتَّى ظَنُّوا فِی الْآخِرَة إذْ حُشِرُوا فِی عِدَاد مَنْ کَانُوا فِی عِدَادهمْ فِی الدُّنْیَا أَنَّهُمْ وَارِدُونَ مَوْرِدهمْ وَدَاخِلُونَ مَدْخَلهمْ , وَاَللَّه جَلَّ جَلَاله مَعَ إظْهَاره مَا قَدْ أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْکَام لِمُلْحَقَتِهِمْ فِی عَاجِل الدُّنْیَا وَآجِل الْآخِرَة إلَى حَال تَمْیِیزه بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ وَتَفْرِیقه بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ ; مُعَدٍّ لَهُمْ مِنْ أَلِیم عِقَابه وَنَکَال عَذَابه مَا أَعَدَّ مِنْهُ لِأَعْدَى أَعْدَائِهِ وَأَشَرّ عِبَاده , حَتَّى مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ فَأَلْحَقَهُمْ مِنْ طَبَقَات جَحِیمه بِالدَّرْکِ الْأَسْفَل . کَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِکَ مِنْ فِعْله بِهِمْ , وَإِنْ کَانَ جَزَاء لَهُمْ عَلَى أَفْعَالهمْ وَعَدْلًا مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِکَ بِهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إیَّاهُ مِنْهُ بِعِصْیَانِهِمْ لَهُ کَانَ بِهِمْ بِمَا أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأُمُور الَّتِی أَظْهَرَهَا لَهُمْ مِنْ إلْحَاقه أَحْکَامهمْ فِی الدُّنْیَا بِأَحْکَامِ أَوْلِیَائِهِ وَهُمْ لَهُ أَعْدَاء , وَحَشْره إیَّاهُمْ فِی الْآخِرَة مَعَ الْمُؤْمِنِینَ وَهُمْ بِهِ مِنْ الْمُکَذِّبِینَ إلَى أَنْ مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ , مُسْتَهْزِئًا وَسَاخِرًا وَلَهُمْ خَادِعًا وَبِهِمْ مَاکِرًا . إذْ کَانَ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر وَالْخَدِیعَة مَا وَصَفْنَا قَبْل , دُون أَنْ یَکُون ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی حَال فِیهَا الْمُسْتَهْزِئ بِصَاحِبِهِ لَهُ ظَالِم أَوْ عَلَیْهِ فِیهَا غَیْر عَادِل , بَلْ ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی کُلّ أَحْوَاله إذَا وُجِدَتْ الصِّفَات الَّتِی قَدَّمْنَا ذِکْرهَا فِی مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَمَا أَشَبَهه مِنْ نَظَائِره . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِیهِ رُوِیَ الْخَبَر عَنْ ابْن عَبَّاس . 307 - حَدَّثَنَا أَبُو کُرَیْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِید , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عَمَّار عَنْ أَبِی رَوْق , عَنْ الضَّحَّاک , عَنْ ابْن عَبَّاس فِی قَوْله : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ : یَسْخَر بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنْهُمْ . وَأَمَّا الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِکْره : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْه الْجَوَاب , وَأَنَّهُ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة ; فَنَافُونَ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ أَثَبَتَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَأَوْجَبَهُ لَهَا . وَسَوَاء قَالَ قَائِل : لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه جَلَّ ذِکْره اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة وَلَا سُخْرِیَة بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ وَیَسْخَر وَیَمْکُر بِهِ , أَوْ قَالَ : لَمْ یَخْسِف اللَّه بِمَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِ مِنْ الْأُمَم , وَلَمْ یُغْرِق مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُ مِنْهُمْ . وَیُقَال لِقَائِلِ ذَلِکَ : إنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ مَکَرَ بِقَوْمِ مَضَوْا قَبْلنَا لَمْ نَرَهُمْ , وَأَخْبَرَ عَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِمْ , وَعَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُمْ , فَصَدَّقْنَا اللَّه تَعَالَى ذِکْره فِیمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ ذَلِکَ , وَلَمْ نُفَرِّق بَیْن شَیْء مِنْهُ , فَمَا بُرْهَانک عَلَى تَفْرِیقک مَا فَرَّقْت بَیْنه بِزَعْمِک أَنَّهُ قَدْ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِهِ , وَلَمْ یَمْکُر بِهِ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ مَکَرَ بِهِ ؟ ثُمَّ نَعْکِس الْقَوْل عَلَیْهِ فِی ذَلِکَ فَلَنْ یَقُول فِی أَحَدهمَا شَیْئًا إلَّا أُلْزِمَ فِی الْآخَر مِثْله . فَإِنْ لَجَأَ إلَى أَنْ یَقُول إنَّ الِاسْتِهْزَاء عَبَث وَلَعِب , وَذَلِکَ عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْفِیّ . قِیلَ لَهُ : إنْ کَانَ الْأَمْر عِنْدک عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء , أَفَلَسْت تَقُول : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ وَمَکَرَ اللَّه بِهِمْ , وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه عِنْدک هُزْء وَلَا سُخْرِیَة ؟ فَإِنْ قَالَ : " لَا " کَذَّبَ بِالْقُرْآنِ وَخَرَجَ عَنْ مِلَّة الْإِسْلَام , وَإِنْ قَالَ : " بَلَى " , قِیلَ لَهُ : أَفَتَقُول مِنْ الْوَجْه الَّذِی قُلْت : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ ; یَلْعَب اللَّه بِهِمْ وَیَعْبَث , وَلَا لَعِب مِنْ اللَّه وَلَا عَبَث ؟ فَإِنْ قَالَ : " نَعَمْ " , وَصَفَ اللَّه بِمَا قَدْ أَجَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَفِیه عَنْهُ وَعَلَى تَخْطِئَة وَاصِفه بِهِ , وَأَضَافَ إلَیْهِ مَا قَدْ قَامَتْ الْحُجَّة مِنْ الْعُقُول عَلَى ضَلَال مُضِیفه إلَیْهِ . وَإِنْ قَالَ : لَا أَقُول یَلْعَب اللَّه بِهِ وَلَا یَعْبَث , وَقَدْ أَقُول یَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَیَسْخَر مِنْهُمْ ; قِیلَ : فَقَدْ فَرَّقْت بَیْن مَعْنَى اللَّعِب , وَالْعَبَث , وَالْهُزْء , وَالسُّخْرِیَة , وَالْمَکْر , وَالْخَدِیعَة . وَمِنْ الْوَجْه الَّذِی جَازَ قِیلَ هَذَا وَلَمْ یَجُزْ قِیلَ هَذَا افْتَرَقَ مَعْنَیَاهُمَا , فَعُلِمَ أَنَّ لِکُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مَعْنًى غَیْر مَعْنَى الْآخَر . وَلِلْکَلَامِ فِی هَذَا النَّوْع مَوْضِع غَیْر هَذَا کَرِهْنَا إطَالَة الْکِتَاب بِاسْتِقْصَائِهِ , وَفِیمَا ذَکَرْنَا کِفَایَة لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .
2
سوره بقره – آیات 15-20
جامع البیان (طبری)
اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ
الْقَوْل فِی تَأْوِیل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اُخْتُلِفَ فِی صِفَة اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ جَلَاله الَّذِی ذُکِرَ أَنَّهُ فَاعِله بِالْمُنَافِقِینَ الَّذِینَ وَصَفَ صِفَتهمْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ کَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا تَبَارَکَ اسْمه أَنَّهُ فَاعِل بِهِمْ یَوْم الْقِیَامَة فِی قَوْله تَعَالَى : { یَوْم یَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِینَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورکُمْ قِیلَ ارْجِعُوا وَرَاءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَیْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِیهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب یُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ قَالُوا بَلَى } 57 13 : 14 الْآیَة , وَکَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فَعَلَ بِالْکُفَّارِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ خَیْرًا لِأَنْفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدَادُوا إثْمًا } 3 78 فَهَذَا وَمَا أَشَبَهه مِنْ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ وَعَزَّ وَسُخْرِیَّته وَمَکْره وَخَدِیعَته لِلْمُنَافِقِینَ وَأَهْل الشِّرْک بِهِ , عِنْد قَائِلِی هَذَا الْقَوْل وَمُتَأَوِّلِی هَذَا التَّأْوِیل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ : تَوْبِیخه إیَّاهُمْ وَلَوْمه لَهُمْ عَلَى مَا رَکِبُوا مِنْ مَعَاصِی اللَّه وَالْکُفْر بِهِ , کَمَا یُقَال : إنَّ فُلَانًا لَیَهْزَأ مِنْهُ الْیَوْم وَیَسْخَر مِنْهُ ; یُرَاد بِهِ تَوْبِیخ النَّاس إیَّاهُ وَلَوْمهمْ لَهُ , أَوْ إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ , کَمَا قَالَ عُبَیْد بْن الْأَبْرَص : سَائِل بِنَا حُجْر ابْن أَمْ قَطَام إذْ ظَلَّتْ بِهِ السُّمْر النَّوَاهِل تَلْعَب فَزَعَمُوا أَنَّ السُّمْر وَهِیَ الْقَنَا لَا لَعِب مِنْهَا , وَلَکِنَّهَا لَمَا قَتَلَتْهُمْ وَشَرَّدَتْهُمْ جَعَلَ ذَلِکَ مِنْ فِعْلهَا لَعِبًا بِمَنْ فَعَلَتْ ذَلِکَ بِهِ ; قَالُوا : فَکَذَلِکَ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمِنْ اسْتَهْزَأَ بِهِ مِنْ أَهْل النِّفَاق وَالْکُفْر بِهِ , إمَّا إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ وَإِمَّا إمْلَاؤُهُ لَهُمْ لِیَأْخُذهُمْ فِی حَال أَمْنهمْ عِنْد أَنْفُسهمْ بَغْتَة , أَوْ تَوْبِیخه لَهُمْ وَلِأَئِمَّتِهِ إیَّاهُمْ قَالُوا : وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْمَکْر مِنْهُ وَالْخَدِیعَة وَالسُّخْرِیَة . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِینَ آمَنُوا وَمَا یَخْدَعُونَ إلَّا أَنْفُسهمْ } عَلَى الْجَوَاب , کَقَوْلِ الرَّجُل لِمَنْ کَانَ یَخْدَعهُ إذَا ظَفَرَ بِهِ : أَنَا الَّذِی خَدَعْتُک وَلَمْ تَکُنْ مِنْهُ خَدِیعَة وَلَکِنْ قَالَ ذَلِکَ إذْ صَارَ الْأَمْر إلَیْهِ . قَالُوا : وَکَذَلِکَ قَوْله : { وَمَکَرُوا وَمَکَرَ اللَّه وَاَللَّه خَیْر الْمَاکِرِینَ } 3 54 وَاَللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ عَلَى الْجَوَاب , وَاَللَّه لَا یَکُون مِنْهُ الْمَکْر وَلَا الْهُزْء . وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمَکْر وَالْهُزْء حَاقّ بِهِمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَقَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } 4 142 وَقَوْله : { فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ } 9 79 و { نَسُوا اللَّه فَنَسِیَهُمْ } 9 67 وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ , إخْبَار مِنْ اللَّه أَنَّهُ مُجَازِیهمْ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء , وَمُعَاقِبهمْ عُقُوبَة الْخِدَاع . فَأَخْرَجَ خَبَره عَنْ جَزَائِهِ وَمَا إیَّاهُمْ وَعِقَابه لَهُمْ مَخْرَج خَبَره عَنْ فِعْلهمْ الَّذِی عَلَیْهِ اسْتَحَقُّوا الْعِقَاب فِی اللَّفْظ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَیَانِ , کَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَزَاء سَیِّئَة سَیِّئَة مِثْلهَا } 42 40 وَمَعْلُوم أَنَّ الْأُولَى مِنْ صَاحِبهَا سَیِّئَة إذْ کَانَتْ مِنْهُ لِلَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَى مَعْصِیَة , وَأَنَّ الْأُخْرَى عَدْل لِأَنَّهَا مِنْ اللَّه جَزَاء لِلْعَاصِی عَلَى الْمَعْصِیَة . فَهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَ لَفْظَاهُمَا مُخْتَلِفًا الْمَعْنَى . وَکَذَلِکَ قَوْله : { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ } 2 194 فَالْعُدْوَان الْأَوَّل ظُلْم , وَالثَّانِی جَزَاء لَا ظُلْم , بَلْ هُوَ عَدْل ; لِأَنَّهُ عُقُوبَة لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمه وَإِنْ وَافَقَ لَفْظه لَفْظ الْأَوَّل . وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَجَّهُوا کُلّ مَا فِی الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِکَ مِمَّا هُوَ خَبَر عَنْ مَکْر اللَّه جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْمٍ , وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ . وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّ مَعْنَى ذَلِکَ أَنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِینَ أَنَّهُمْ إذَا خَلَوْا إلَى مَرَدَتهمْ قَالُوا : إنَّا مَعَکُمْ عَلَى دِینکُمْ فِی تَکْذِیب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ , وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِر لَهُمْ مِنْ قَوْلنَا لَهُمْ صَدَّقْنَا بِمُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا جَاءَ بِهِ مُسْتَهْزِئُونَ . یَعْنُونَ : إنَّا نُظْهِر لَهُمْ مَا هُوَ عِنْدنَا بَاطِل لَا حَقّ وَلَا هُدًى . قَالُوا : وَذَلِکَ هُوَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِی الِاسْتِهْزَاء . فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ بِهِمْ فَیَظْهَر لَهُمْ مِنْ أَحْکَامه فِی الدُّنْیَا خِلَاف الَّذِی لَهُمْ عِنْده فِی الْآخِرَة , کَمَا أَظَهَرُوا لِلنَّبِیِّ صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِینَ فِی الدِّین مَا هُمْ عَلَى خِلَافه فِی سَرَائِرهمْ . وَالصَّوَاب فِی ذَلِکَ مِنْ الْقَوْل وَالتَّأْوِیل عِنْدنَا , أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء فِی کَلَام الْعَرَب : إظْهَار الْمُسْتَهْزِئ لِلْمُسْتَهْزَإِ بِهِ مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل مَا یُرْضِیه وَیُوَافِقهُ ظَاهِرًا , وَهُوَ بِذَلِکَ مِنْ قَیْله وَفِعْله بِهِ مُوَرِّثه مُسَاءَة بَاطِنًا , وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْخِدَاع وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر . وَإِذْ کَانَ ذَلِکَ کَذَلِکَ , وَکَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ النِّفَاق فِی الدُّنْیَا مِنْ الْأَحْکَام بِمَا أَظَهَرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه الْمُدْخِل لَهُمْ فِی عِدَاد مَنْ یَشْمَلهُ اسْم الْإِسْلَام وَإِنْ کَانُوا لِغَیْرِ ذَلِکَ مُسْتَبْطِنِینَ مِنْ أَحْکَام الْمُسْلِمِینَ الْمُصَدِّقِینَ إقْرَارهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِذَلِکَ بِضَمَائِر قُلُوبهمْ وَصَحَائِح عَزَائِمهمْ وَحَمِید أَفْعَالهمْ الْمُحَقِّقَة لَهُمْ صِحَّة إیمَانهمْ , مَعَ عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِکَذِبِهِمْ , وَاطِّلَاعه عَلَى خُبْث اعْتِقَادهمْ وَشَکّهمْ فِیمَا ادَّعَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّهُمْ مُصَدِّقُونَ حَتَّى ظَنُّوا فِی الْآخِرَة إذْ حُشِرُوا فِی عِدَاد مَنْ کَانُوا فِی عِدَادهمْ فِی الدُّنْیَا أَنَّهُمْ وَارِدُونَ مَوْرِدهمْ وَدَاخِلُونَ مَدْخَلهمْ , وَاَللَّه جَلَّ جَلَاله مَعَ إظْهَاره مَا قَدْ أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْکَام لِمُلْحَقَتِهِمْ فِی عَاجِل الدُّنْیَا وَآجِل الْآخِرَة إلَى حَال تَمْیِیزه بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ وَتَفْرِیقه بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ ; مُعَدٍّ لَهُمْ مِنْ أَلِیم عِقَابه وَنَکَال عَذَابه مَا أَعَدَّ مِنْهُ لِأَعْدَى أَعْدَائِهِ وَأَشَرّ عِبَاده , حَتَّى مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ فَأَلْحَقَهُمْ مِنْ طَبَقَات جَحِیمه بِالدَّرْکِ الْأَسْفَل . کَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِکَ مِنْ فِعْله بِهِمْ , وَإِنْ کَانَ جَزَاء لَهُمْ عَلَى أَفْعَالهمْ وَعَدْلًا مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِکَ بِهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إیَّاهُ مِنْهُ بِعِصْیَانِهِمْ لَهُ کَانَ بِهِمْ بِمَا أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأُمُور الَّتِی أَظْهَرَهَا لَهُمْ مِنْ إلْحَاقه أَحْکَامهمْ فِی الدُّنْیَا بِأَحْکَامِ أَوْلِیَائِهِ وَهُمْ لَهُ أَعْدَاء , وَحَشْره إیَّاهُمْ فِی الْآخِرَة مَعَ الْمُؤْمِنِینَ وَهُمْ بِهِ مِنْ الْمُکَذِّبِینَ إلَى أَنْ مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ , مُسْتَهْزِئًا وَسَاخِرًا وَلَهُمْ خَادِعًا وَبِهِمْ مَاکِرًا . إذْ کَانَ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر وَالْخَدِیعَة مَا وَصَفْنَا قَبْل , دُون أَنْ یَکُون ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی حَال فِیهَا الْمُسْتَهْزِئ بِصَاحِبِهِ لَهُ ظَالِم أَوْ عَلَیْهِ فِیهَا غَیْر عَادِل , بَلْ ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی کُلّ أَحْوَاله إذَا وُجِدَتْ الصِّفَات الَّتِی قَدَّمْنَا ذِکْرهَا فِی مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَمَا أَشَبَهه مِنْ نَظَائِره . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِیهِ رُوِیَ الْخَبَر عَنْ ابْن عَبَّاس . 307 - حَدَّثَنَا أَبُو کُرَیْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِید , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عَمَّار عَنْ أَبِی رَوْق , عَنْ الضَّحَّاک , عَنْ ابْن عَبَّاس فِی قَوْله : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ : یَسْخَر بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنْهُمْ . وَأَمَّا الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِکْره : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْه الْجَوَاب , وَأَنَّهُ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة ; فَنَافُونَ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ أَثَبَتَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَأَوْجَبَهُ لَهَا . وَسَوَاء قَالَ قَائِل : لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه جَلَّ ذِکْره اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة وَلَا سُخْرِیَة بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ وَیَسْخَر وَیَمْکُر بِهِ , أَوْ قَالَ : لَمْ یَخْسِف اللَّه بِمَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِ مِنْ الْأُمَم , وَلَمْ یُغْرِق مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُ مِنْهُمْ . وَیُقَال لِقَائِلِ ذَلِکَ : إنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ مَکَرَ بِقَوْمِ مَضَوْا قَبْلنَا لَمْ نَرَهُمْ , وَأَخْبَرَ عَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِمْ , وَعَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُمْ , فَصَدَّقْنَا اللَّه تَعَالَى ذِکْره فِیمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ ذَلِکَ , وَلَمْ نُفَرِّق بَیْن شَیْء مِنْهُ , فَمَا بُرْهَانک عَلَى تَفْرِیقک مَا فَرَّقْت بَیْنه بِزَعْمِک أَنَّهُ قَدْ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِهِ , وَلَمْ یَمْکُر بِهِ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ مَکَرَ بِهِ ؟ ثُمَّ نَعْکِس الْقَوْل عَلَیْهِ فِی ذَلِکَ فَلَنْ یَقُول فِی أَحَدهمَا شَیْئًا إلَّا أُلْزِمَ فِی الْآخَر مِثْله . فَإِنْ لَجَأَ إلَى أَنْ یَقُول إنَّ الِاسْتِهْزَاء عَبَث وَلَعِب , وَذَلِکَ عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْفِیّ . قِیلَ لَهُ : إنْ کَانَ الْأَمْر عِنْدک عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء , أَفَلَسْت تَقُول : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ وَمَکَرَ اللَّه بِهِمْ , وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه عِنْدک هُزْء وَلَا سُخْرِیَة ؟ فَإِنْ قَالَ : " لَا " کَذَّبَ بِالْقُرْآنِ وَخَرَجَ عَنْ مِلَّة الْإِسْلَام , وَإِنْ قَالَ : " بَلَى " , قِیلَ لَهُ : أَفَتَقُول مِنْ الْوَجْه الَّذِی قُلْت : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ ; یَلْعَب اللَّه بِهِمْ وَیَعْبَث , وَلَا لَعِب مِنْ اللَّه وَلَا عَبَث ؟ فَإِنْ قَالَ : " نَعَمْ " , وَصَفَ اللَّه بِمَا قَدْ أَجَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَفِیه عَنْهُ وَعَلَى تَخْطِئَة وَاصِفه بِهِ , وَأَضَافَ إلَیْهِ مَا قَدْ قَامَتْ الْحُجَّة مِنْ الْعُقُول عَلَى ضَلَال مُضِیفه إلَیْهِ . وَإِنْ قَالَ : لَا أَقُول یَلْعَب اللَّه بِهِ وَلَا یَعْبَث , وَقَدْ أَقُول یَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَیَسْخَر مِنْهُمْ ; قِیلَ : فَقَدْ فَرَّقْت بَیْن مَعْنَى اللَّعِب , وَالْعَبَث , وَالْهُزْء , وَالسُّخْرِیَة , وَالْمَکْر , وَالْخَدِیعَة . وَمِنْ الْوَجْه الَّذِی جَازَ قِیلَ هَذَا وَلَمْ یَجُزْ قِیلَ هَذَا افْتَرَقَ مَعْنَیَاهُمَا , فَعُلِمَ أَنَّ لِکُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مَعْنًى غَیْر مَعْنَى الْآخَر . وَلِلْکَلَامِ فِی هَذَا النَّوْع مَوْضِع غَیْر هَذَا کَرِهْنَا إطَالَة الْکِتَاب بِاسْتِقْصَائِهِ , وَفِیمَا ذَکَرْنَا کِفَایَة لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .
2
سوره بقره – آیات 15-20
جامع البیان (طبری)
اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ
الْقَوْل فِی تَأْوِیل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اُخْتُلِفَ فِی صِفَة اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ جَلَاله الَّذِی ذُکِرَ أَنَّهُ فَاعِله بِالْمُنَافِقِینَ الَّذِینَ وَصَفَ صِفَتهمْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ کَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا تَبَارَکَ اسْمه أَنَّهُ فَاعِل بِهِمْ یَوْم الْقِیَامَة فِی قَوْله تَعَالَى : { یَوْم یَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِینَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورکُمْ قِیلَ ارْجِعُوا وَرَاءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَیْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِیهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب یُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ قَالُوا بَلَى } 57 13 : 14 الْآیَة , وَکَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فَعَلَ بِالْکُفَّارِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ خَیْرًا لِأَنْفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدَادُوا إثْمًا } 3 78 فَهَذَا وَمَا أَشَبَهه مِنْ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ وَعَزَّ وَسُخْرِیَّته وَمَکْره وَخَدِیعَته لِلْمُنَافِقِینَ وَأَهْل الشِّرْک بِهِ , عِنْد قَائِلِی هَذَا الْقَوْل وَمُتَأَوِّلِی هَذَا التَّأْوِیل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ : تَوْبِیخه إیَّاهُمْ وَلَوْمه لَهُمْ عَلَى مَا رَکِبُوا مِنْ مَعَاصِی اللَّه وَالْکُفْر بِهِ , کَمَا یُقَال : إنَّ فُلَانًا لَیَهْزَأ مِنْهُ الْیَوْم وَیَسْخَر مِنْهُ ; یُرَاد بِهِ تَوْبِیخ النَّاس إیَّاهُ وَلَوْمهمْ لَهُ , أَوْ إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ , کَمَا قَالَ عُبَیْد بْن الْأَبْرَص : سَائِل بِنَا حُجْر ابْن أَمْ قَطَام إذْ ظَلَّتْ بِهِ السُّمْر النَّوَاهِل تَلْعَب فَزَعَمُوا أَنَّ السُّمْر وَهِیَ الْقَنَا لَا لَعِب مِنْهَا , وَلَکِنَّهَا لَمَا قَتَلَتْهُمْ وَشَرَّدَتْهُمْ جَعَلَ ذَلِکَ مِنْ فِعْلهَا لَعِبًا بِمَنْ فَعَلَتْ ذَلِکَ بِهِ ; قَالُوا : فَکَذَلِکَ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمِنْ اسْتَهْزَأَ بِهِ مِنْ أَهْل النِّفَاق وَالْکُفْر بِهِ , إمَّا إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ وَإِمَّا إمْلَاؤُهُ لَهُمْ لِیَأْخُذهُمْ فِی حَال أَمْنهمْ عِنْد أَنْفُسهمْ بَغْتَة , أَوْ تَوْبِیخه لَهُمْ وَلِأَئِمَّتِهِ إیَّاهُمْ قَالُوا : وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْمَکْر مِنْهُ وَالْخَدِیعَة وَالسُّخْرِیَة . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِینَ آمَنُوا وَمَا یَخْدَعُونَ إلَّا أَنْفُسهمْ } عَلَى الْجَوَاب , کَقَوْلِ الرَّجُل لِمَنْ کَانَ یَخْدَعهُ إذَا ظَفَرَ بِهِ : أَنَا الَّذِی خَدَعْتُک وَلَمْ تَکُنْ مِنْهُ خَدِیعَة وَلَکِنْ قَالَ ذَلِکَ إذْ صَارَ الْأَمْر إلَیْهِ . قَالُوا : وَکَذَلِکَ قَوْله : { وَمَکَرُوا وَمَکَرَ اللَّه وَاَللَّه خَیْر الْمَاکِرِینَ } 3 54 وَاَللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ عَلَى الْجَوَاب , وَاَللَّه لَا یَکُون مِنْهُ الْمَکْر وَلَا الْهُزْء . وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمَکْر وَالْهُزْء حَاقّ بِهِمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَقَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } 4 142 وَقَوْله : { فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ } 9 79 و { نَسُوا اللَّه فَنَسِیَهُمْ } 9 67 وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ , إخْبَار مِنْ اللَّه أَنَّهُ مُجَازِیهمْ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء , وَمُعَاقِبهمْ عُقُوبَة الْخِدَاع . فَأَخْرَجَ خَبَره عَنْ جَزَائِهِ وَمَا إیَّاهُمْ وَعِقَابه لَهُمْ مَخْرَج خَبَره عَنْ فِعْلهمْ الَّذِی عَلَیْهِ اسْتَحَقُّوا الْعِقَاب فِی اللَّفْظ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَیَانِ , کَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَزَاء سَیِّئَة سَیِّئَة مِثْلهَا } 42 40 وَمَعْلُوم أَنَّ الْأُولَى مِنْ صَاحِبهَا سَیِّئَة إذْ کَانَتْ مِنْهُ لِلَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَى مَعْصِیَة , وَأَنَّ الْأُخْرَى عَدْل لِأَنَّهَا مِنْ اللَّه جَزَاء لِلْعَاصِی عَلَى الْمَعْصِیَة . فَهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَ لَفْظَاهُمَا مُخْتَلِفًا الْمَعْنَى . وَکَذَلِکَ قَوْله : { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ } 2 194 فَالْعُدْوَان الْأَوَّل ظُلْم , وَالثَّانِی جَزَاء لَا ظُلْم , بَلْ هُوَ عَدْل ; لِأَنَّهُ عُقُوبَة لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمه وَإِنْ وَافَقَ لَفْظه لَفْظ الْأَوَّل . وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَجَّهُوا کُلّ مَا فِی الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِکَ مِمَّا هُوَ خَبَر عَنْ مَکْر اللَّه جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْمٍ , وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ . وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّ مَعْنَى ذَلِکَ أَنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِینَ أَنَّهُمْ إذَا خَلَوْا إلَى مَرَدَتهمْ قَالُوا : إنَّا مَعَکُمْ عَلَى دِینکُمْ فِی تَکْذِیب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ , وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِر لَهُمْ مِنْ قَوْلنَا لَهُمْ صَدَّقْنَا بِمُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا جَاءَ بِهِ مُسْتَهْزِئُونَ . یَعْنُونَ : إنَّا نُظْهِر لَهُمْ مَا هُوَ عِنْدنَا بَاطِل لَا حَقّ وَلَا هُدًى . قَالُوا : وَذَلِکَ هُوَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِی الِاسْتِهْزَاء . فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ بِهِمْ فَیَظْهَر لَهُمْ مِنْ أَحْکَامه فِی الدُّنْیَا خِلَاف الَّذِی لَهُمْ عِنْده فِی الْآخِرَة , کَمَا أَظَهَرُوا لِلنَّبِیِّ صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِینَ فِی الدِّین مَا هُمْ عَلَى خِلَافه فِی سَرَائِرهمْ . وَالصَّوَاب فِی ذَلِکَ مِنْ الْقَوْل وَالتَّأْوِیل عِنْدنَا , أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء فِی کَلَام الْعَرَب : إظْهَار الْمُسْتَهْزِئ لِلْمُسْتَهْزَإِ بِهِ مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل مَا یُرْضِیه وَیُوَافِقهُ ظَاهِرًا , وَهُوَ بِذَلِکَ مِنْ قَیْله وَفِعْله بِهِ مُوَرِّثه مُسَاءَة بَاطِنًا , وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْخِدَاع وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر . وَإِذْ کَانَ ذَلِکَ کَذَلِکَ , وَکَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ النِّفَاق فِی الدُّنْیَا مِنْ الْأَحْکَام بِمَا أَظَهَرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه الْمُدْخِل لَهُمْ فِی عِدَاد مَنْ یَشْمَلهُ اسْم الْإِسْلَام وَإِنْ کَانُوا لِغَیْرِ ذَلِکَ مُسْتَبْطِنِینَ مِنْ أَحْکَام الْمُسْلِمِینَ الْمُصَدِّقِینَ إقْرَارهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِذَلِکَ بِضَمَائِر قُلُوبهمْ وَصَحَائِح عَزَائِمهمْ وَحَمِید أَفْعَالهمْ الْمُحَقِّقَة لَهُمْ صِحَّة إیمَانهمْ , مَعَ عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِکَذِبِهِمْ , وَاطِّلَاعه عَلَى خُبْث اعْتِقَادهمْ وَشَکّهمْ فِیمَا ادَّعَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّهُمْ مُصَدِّقُونَ حَتَّى ظَنُّوا فِی الْآخِرَة إذْ حُشِرُوا فِی عِدَاد مَنْ کَانُوا فِی عِدَادهمْ فِی الدُّنْیَا أَنَّهُمْ وَارِدُونَ مَوْرِدهمْ وَدَاخِلُونَ مَدْخَلهمْ , وَاَللَّه جَلَّ جَلَاله مَعَ إظْهَاره مَا قَدْ أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْکَام لِمُلْحَقَتِهِمْ فِی عَاجِل الدُّنْیَا وَآجِل الْآخِرَة إلَى حَال تَمْیِیزه بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ وَتَفْرِیقه بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ ; مُعَدٍّ لَهُمْ مِنْ أَلِیم عِقَابه وَنَکَال عَذَابه مَا أَعَدَّ مِنْهُ لِأَعْدَى أَعْدَائِهِ وَأَشَرّ عِبَاده , حَتَّى مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ فَأَلْحَقَهُمْ مِنْ طَبَقَات جَحِیمه بِالدَّرْکِ الْأَسْفَل . کَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِکَ مِنْ فِعْله بِهِمْ , وَإِنْ کَانَ جَزَاء لَهُمْ عَلَى أَفْعَالهمْ وَعَدْلًا مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِکَ بِهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إیَّاهُ مِنْهُ بِعِصْیَانِهِمْ لَهُ کَانَ بِهِمْ بِمَا أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأُمُور الَّتِی أَظْهَرَهَا لَهُمْ مِنْ إلْحَاقه أَحْکَامهمْ فِی الدُّنْیَا بِأَحْکَامِ أَوْلِیَائِهِ وَهُمْ لَهُ أَعْدَاء , وَحَشْره إیَّاهُمْ فِی الْآخِرَة مَعَ الْمُؤْمِنِینَ وَهُمْ بِهِ مِنْ الْمُکَذِّبِینَ إلَى أَنْ مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ , مُسْتَهْزِئًا وَسَاخِرًا وَلَهُمْ خَادِعًا وَبِهِمْ مَاکِرًا . إذْ کَانَ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر وَالْخَدِیعَة مَا وَصَفْنَا قَبْل , دُون أَنْ یَکُون ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی حَال فِیهَا الْمُسْتَهْزِئ بِصَاحِبِهِ لَهُ ظَالِم أَوْ عَلَیْهِ فِیهَا غَیْر عَادِل , بَلْ ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی کُلّ أَحْوَاله إذَا وُجِدَتْ الصِّفَات الَّتِی قَدَّمْنَا ذِکْرهَا فِی مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَمَا أَشَبَهه مِنْ نَظَائِره . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِیهِ رُوِیَ الْخَبَر عَنْ ابْن عَبَّاس . 307 - حَدَّثَنَا أَبُو کُرَیْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِید , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عَمَّار عَنْ أَبِی رَوْق , عَنْ الضَّحَّاک , عَنْ ابْن عَبَّاس فِی قَوْله : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ : یَسْخَر بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنْهُمْ . وَأَمَّا الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِکْره : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْه الْجَوَاب , وَأَنَّهُ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة ; فَنَافُونَ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ أَثَبَتَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَأَوْجَبَهُ لَهَا . وَسَوَاء قَالَ قَائِل : لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه جَلَّ ذِکْره اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة وَلَا سُخْرِیَة بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ وَیَسْخَر وَیَمْکُر بِهِ , أَوْ قَالَ : لَمْ یَخْسِف اللَّه بِمَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِ مِنْ الْأُمَم , وَلَمْ یُغْرِق مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُ مِنْهُمْ . وَیُقَال لِقَائِلِ ذَلِکَ : إنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ مَکَرَ بِقَوْمِ مَضَوْا قَبْلنَا لَمْ نَرَهُمْ , وَأَخْبَرَ عَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِمْ , وَعَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُمْ , فَصَدَّقْنَا اللَّه تَعَالَى ذِکْره فِیمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ ذَلِکَ , وَلَمْ نُفَرِّق بَیْن شَیْء مِنْهُ , فَمَا بُرْهَانک عَلَى تَفْرِیقک مَا فَرَّقْت بَیْنه بِزَعْمِک أَنَّهُ قَدْ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِهِ , وَلَمْ یَمْکُر بِهِ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ مَکَرَ بِهِ ؟ ثُمَّ نَعْکِس الْقَوْل عَلَیْهِ فِی ذَلِکَ فَلَنْ یَقُول فِی أَحَدهمَا شَیْئًا إلَّا أُلْزِمَ فِی الْآخَر مِثْله . فَإِنْ لَجَأَ إلَى أَنْ یَقُول إنَّ الِاسْتِهْزَاء عَبَث وَلَعِب , وَذَلِکَ عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْفِیّ . قِیلَ لَهُ : إنْ کَانَ الْأَمْر عِنْدک عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء , أَفَلَسْت تَقُول : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ وَمَکَرَ اللَّه بِهِمْ , وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه عِنْدک هُزْء وَلَا سُخْرِیَة ؟ فَإِنْ قَالَ : " لَا " کَذَّبَ بِالْقُرْآنِ وَخَرَجَ عَنْ مِلَّة الْإِسْلَام , وَإِنْ قَالَ : " بَلَى " , قِیلَ لَهُ : أَفَتَقُول مِنْ الْوَجْه الَّذِی قُلْت : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ ; یَلْعَب اللَّه بِهِمْ وَیَعْبَث , وَلَا لَعِب مِنْ اللَّه وَلَا عَبَث ؟ فَإِنْ قَالَ : " نَعَمْ " , وَصَفَ اللَّه بِمَا قَدْ أَجَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَفِیه عَنْهُ وَعَلَى تَخْطِئَة وَاصِفه بِهِ , وَأَضَافَ إلَیْهِ مَا قَدْ قَامَتْ الْحُجَّة مِنْ الْعُقُول عَلَى ضَلَال مُضِیفه إلَیْهِ . وَإِنْ قَالَ : لَا أَقُول یَلْعَب اللَّه بِهِ وَلَا یَعْبَث , وَقَدْ أَقُول یَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَیَسْخَر مِنْهُمْ ; قِیلَ : فَقَدْ فَرَّقْت بَیْن مَعْنَى اللَّعِب , وَالْعَبَث , وَالْهُزْء , وَالسُّخْرِیَة , وَالْمَکْر , وَالْخَدِیعَة . وَمِنْ الْوَجْه الَّذِی جَازَ قِیلَ هَذَا وَلَمْ یَجُزْ قِیلَ هَذَا افْتَرَقَ مَعْنَیَاهُمَا , فَعُلِمَ أَنَّ لِکُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مَعْنًى غَیْر مَعْنَى الْآخَر . وَلِلْکَلَامِ فِی هَذَا النَّوْع مَوْضِع غَیْر هَذَا کَرِهْنَا إطَالَة الْکِتَاب بِاسْتِقْصَائِهِ , وَفِیمَا ذَکَرْنَا کِفَایَة لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .
لینک دانلود و خرید پایین توضیحات
دسته بندی : پاورپوینت
نوع فایل : powerpoint (..ppt) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )
تعداد اسلاید : 91 اسلاید
قسمتی از متن powerpoint (..ppt) :
1
2
تفسیر سوره مبارکه بقره
مشخصات سوره
› اهمیت: ان لکل شی سناما و سنام القرآن سوره البقره
› اسامی و اوصاف: بقره، ذروه، سنام، فسطاط، سیدالقرآن، زهراء
› آمار: آیات: 286، کلمات: 6156، حروف: 26256، نزول: 87
› مکان و زمان نزول: مدینه، یک و سال و نیم اول هجرت:
› فضای نزول سور:
› سور مکی
› سور مدنی
3
تفسیر سوره مبارکه بقره
› فضای نزول: شرایط اجتماعی، اقتصادی و ... یثرب
› تاثیر فضای نزول و معارف سوره:
› فضای نزول بر معارف سوره
› معارف سوره بر فضای نزول
› معارف سوره: نبوت، تاریخ انبیاء، خلافت انسان، ...
› غرر آیات: آیات خلافت انسان، سه آیه آخر، آیه الکرسی
› هدف سوره: اقتضای بندگی: ایمان به همه رسل و کتب
› فضیلت قرائت سوره: روایات متعدد
4
تفسیر سوره مبارکه بقره
آیه شریفه 1
› ویژگی حروف مقطعه:
› از مختصات قرآن
› مشترک سور مکی و مدنی
› شروع 29 سوره با این حروف
› یک تا پنج حرفی بودن این حروف
› یک، دو یا آیه یا بخشی از آیه یک
تفسیر سوره مبارکه بقره
› تکرار یک، دو، شش یا هفت بار
› 14 حرف بدون تکرار
› محتوای مشترک سور حاوی این حروف: وحی و رسالت
› رابطه حروف با محتوای سوره
› جملات: صراط علی حق نمسکه، صح طریقک مع السنه
› اوصاف خاص این حروف
5
لینک دانلود و خرید پایین توضیحات
دسته بندی : وورد
نوع فایل : word (..docx) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )
تعداد صفحه : 43 صفحه
قسمتی از متن word (..docx) :
آیه و236و237وسوره بقره:
آیه 237_236 سوره مبارکه بقره:
آیه و ترجمه
لا جُنَاحَ عَلَیْکمْ إِن طلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسوهُنَّ أَوْ تَفْرِضوا لَهُنَّ فَرِیضةً وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلى المُْوسِع قَدَرُهُ وَ عَلى الْمُقْترِ قَدَرُهُ مَتَعَا بِالْمَعْرُوفِ حَقاًّ عَلى المُْحْسِنِینَ(236)
وَ إِن طلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضتُمْ لَهُنَّ فَرِیضةً فَنِصف مَا فَرَضتُمْ إِلا أَن یَعْفُونَ أَوْ یَعْفُوَا الَّذِى بِیَدِهِ عُقْدَةُ النِّکاح وَ أَن تَعْفُوا أَقْرَب لِلتَّقْوَى وَ لا تَنسوُا الْفَضلَ بَیْنَکُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ(237)
ترجمه :
236 - اگر زنان را قبل از آمیزش جنسى یا تعیین مهر، (به عللى ) طلاق دهید، گناهى بر شما نیست . (و در این موقع ،) آنها را (با هدیه اى مناسب ،) بهرهمند سازید! آن کس که توانایى دارد، به اندازه تواناییاش ، و آن کس که تنگدست است ، به اندازه خودش ، هدیه اى شایسته (که مناسب حال دهنده و گیرنده باشد ) بدهد! و این بر نیکوکاران ، الزامى است .
237 - و اگر زنان را، پیش از آنکه با آنها تماس بگیرید و (آمیزش جنسى کنید) طلاق دهید، در حالى که مهرى براى آنها تعیین کردهاید، (لازم است ) نصف آنچه را تعیین کردهاید (به آنها بدهید) مگر اینکه آنها (حق خود را) ببخشند، یا (در صورتى که صغیر و سفیه باشند، ولى آنها، یعنى ) آن کس که گره ازدواج به دست اوست ، آن را ببخشد. و گذشت کردن شما (و بخشیدن تمام مهر به آنها) بپرهیزکارى نزدیکتر است . و گذشت و نیکوکارى را در میان خود فراموش نکنید، که خداوند به آنچه انجام مى دهید، بیناست !
تفسیر:
چگونگى اداى مهر
باز در ادامه احکام طلاق در این دو آیه احکام دیگرى بیان شدنخست مى فرماید: ((گناهى بر شما نیست اگر زنان را قبل از اینکه با آنها تماس پیدا کنید (و آمیزش جنسى انجام دهید) و تعیین مهر نمائید، طلاق دهید)) (لا جناح علیکم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن او تفرضوا لهن فریضة ).
البته این در صورتى است که مرد یا زن و مرد بعد از عقد ازدواج و پیش از عمل زناشویى ، متوجه شوند که به جهاتى نمیتوانند با هم زندگى کنند، چه بهتر که در این موقع با طلاق از هم جدا شوند، زیرا در مراحل بعد کار مشکلتر مى شود. و به هر حال این تعبیر، پاسخى است براى آنها که تصور مى کردند طلاق قبل از عمل زناشویى یا قبل از تعیین مهر، صحیح نیست ، قرآن مى گوید: چنین طلاقى گناهى ندارد و صحیح است (و اى بسا جلو مفاسد بیشترى را بگیرد).
بعضى نیز ((جناح )) را در اینجا به معنى ((مهر)) گرفتهاند که بر دوش شوهر سنگینى مى کند یعنى به هنگام طلاق قبل از عمل زناشویى و تعیین مهر هیچ گونه مهرى بر عهده شما نیست . گر چه بعضى از مفسران شرح زیادى درباره این تفسیر گفته اند، ولى به کار بردن کلمه جناح ، به معنى مهر مانوس نیست .
بعضى نیز احتمال داده اند که معنى جمله بالا این است : که طلاق زنها قبل از آمیزش در همه حال جایز است (خواه در حال عادت ماهیانه باشند یا نه ) در حالى که بعد از آمیزش حتما باید در حال پاکى خالى از آمیزش باشد این تفسیر بسیار بعید به نظر مى رسد، زیرا با جمله ((او تفرضوا لهن فریضة )) سازگار نیست .
سپس به بیان حکم دیگرى در این رابطه میپردازد و مى فرماید: در چنین حالى باید آنها را (با هدیه مناسبى ) بهرهمند سازید
)) (و متعوهن ).
بنابراین اگر نه مهرى تعیین شده و نه آمیزشى حاصل گشته ، شوهر بایدهدیه اى که مناسب با شئون زن باشد، بعد از طلاق به او بپردازد ولى در پرداخت این هدیه ، قدرت توانائى شوهر نیز باید در نظر گرفته شود، و لذا در دنباله آیه مى گوید: بر آن کس که توانائى دارد به اندازه توانائیش ، و بر آن کس که تنگدست است به اندازه خودش هدیه شایسته اى لازم است ، و این حقى است بر نیکوکاران (على الموسع قدره و على المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنین ).
((موسع )) به معنى توانگر، و ((مقتر)) به معنى تنگدست است (از ماده قتر به معنى بخل و تنگ نظرى نیز آمده است ) مانند: (و کان الانسان قتورا).
بنابراین توانگران باید به اندازه خود و تنگدستان نیز درخور تواناییشان این هدیه را بپردازند، و شئون زن نیز در این جهت در نظر گرفته شده است .
جمله ((متاعا بالمعروف )) میتواند اشارهاى به همه اینها باشد یعنى هدیه اى به طور شایسته و دور از اسراف و بخل ، و مناسب حال دهنده و گیرنده .
از آنجا که این هدیه اثر قابل ملاحظه اى در جلوگیرى از حس انتقامجویى و رهایى زن از عقدههایى که ممکن است ، بر اثر گسستن پیوند زناشویى حاصل شود، در آیه فوق آن را وابسته به روحیه نیکوکارى و احسان کرده و مى گوید: حقا على المحسنین : ((این عمل بر نیکوکاران لازم است )) یعنى باید آمیخته با روح نیکوکارى و مسالمت باشد.
ناگفته پیدا است تعبیر به ((نیکوکاران )) نه به خاطر این است که حکم مزبور جنبه الزامى ندارد بلکه براى تحریک احساسات خیرخواهانه افراد در راه انجام این وظیفه است و گرنه همانطور که اشاره شد این حکم جنبه الزامى دارد.
نکته جالب دیگرى که از آیه استفاده مى شود این است که : قرآن از هدیهاىکه مرد باید به زن بپردازد تعبیر به ((متاع )) کرده است و متاع در لغت به معناى چیزهائى است که انسان از آنها بهرهمند و متمتع مى شود و غالبا به غیر پول و وجه نقد اطلاق مى گردد زیرا از پول بطور مستقیم نمیتوان استفاده کرد بلکه باید تبدیل به متاع شود روى همین جهت قرآن از هدیه تعبیر به متاع کرده است .
و این موضوع از نظر روانى اثر خاصى دارد زیرا بسیار مى شود که هدیهاى از اجناس قابل استفاده مانند خوراک و پوشاک و نظایر آن که براى اشخاص برده مى شود هر چند کم قیمت باشد اثرى در روح آنها میگذارد که اگر آن را تبدیل به پول کنند هرگز آن اثر را نخواهد داشت و لذا در روایاتى که در این زمینه به ما رسیده مى بینیم غالبا ائمه اطهار نمونه هاى هدیه را امثال لباس و مواد غذائى و یا زمین زراعتى ذکر کرده اند.
ضمنا از آیه به خوبى استفاده مى شود که در ازدواج دائم تعیین مهر از قبل لازم نیست و طرفین مى توانند بعد از عقد روى آن توافق کنند و نیز استفاده مى شود که اگر قبل از تعیین مهر و آمیزش جنسى ، طلاق صورت گیرد مهر واجب نخواهد بود و هدیه مزبور جانشین ((مهر)) مى شود.
باید توجه کرد که زمان و مکان در مقدار ((هدیه مناسب )) مؤ ثر است .
در آیه بعد سخن از زنانى به میان آمده که براى آنها تعیین مهر شده است ولى قبل از آمیزش و عروسى ، جدا مى شوند، مى فرماید: اگر آنها را طلاق دهید پیش از آنکه با آنان تماس پیدا کنید (و آمیزش انجام شود) در حالى که مهرى براى آنها تعیین کردهاید، لازم است نصف آنچه را تعیین کردهاید به آنها بدهید
(و ان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن و قد فرضتم لهن فریضة فنصف ما فرضتم ).
این حکم قانونى مساله است ، که به زن حق مى دهد نصف تمام مهریه را بدون کم و کاست بگیرد هر چند آمیزشى حاصل نشده باشد.
ولى بعدا به سراغ جنبه هاى اخلاقى و عاطفى میرود و مى فرماید: ((مگر اینکه آنها حق خود را ببخشند)) (و یا اگر صغیر و سفیه هستند، ولى آنان یعنى ) آن کس که گره ازدواج به دست او است آن را ببخشد)) (الا ان یعفون او یعفو الذى بیده عقدة النکاح ).
روشن است که ولى در صورتى میتواند از حق صغیر صرف نظر کند که مصلحت صغیر ایجاب نماید.
بنابراین حکم پرداخت نصف مهر، صرف نظر از مساله عفو و بخشش است .
از آنچه گفتیم روشن مى شود که منظور از ((الذى بیده عقدة النکاح )) (کسى که گره ازدواج به دست او است ) ولى صغیر یا سفیه است ، زیرا او است که حق دارد اجازه ازدواج بدهد، ولى بعضى از مفسران چنین پنداشتهاند که منظور شوهر است ، یعنى هر گاه شوهر تمام مهر را قبلا پرداخته باشد (آن چنان که در میان بسیارى از اعراب معمول بوده ) حق دارد نصف آن را باز پس گیرد مگر اینکه ببخشد و صرف نظر کند.
اما دقت در آیه نشان مى دهد که صحیح همان تفسیر اول است ، زیرا روى سخن در آیه با شوهران است ، به همین دلیل آنها را مخاطب قرار داده و مى گوید: ((و ان طلقتموهن )) (اگر آنها را طلاق دادید) در حالى که جمله او ((یعفو الذى بیده عقدة النکاح )) به صورت فعل غائب ذکر شده و مناسب نیست که منظور از آن ، شوهران باشند.
آرى در جمله بعد مى گوید: عفو و گذشت شما (و پرداختن تمام مهر) به پرهیزکارى نزدیک تر است و نیکوکارى و فضل را در میان خود فراموش نکنید که خداوند به آنچه انجام مى دهید بینا است (و ان تعفوا اقرب للتقوى و لا تنسوا الفضل بینکم ان الله بما تعملون بصیر).
به طور مسلم مخاطب در این جمله شوهرانند و در نتیجه در جمله قبل سخن از گذشت اولیاء و در این جمله سخن از گذشت شوهران است .
و جمله ((و لا تنسوا الفضل بینکم )) خطابى است به عموم مسلمانان که روح گذشت و بزرگوارى را در تمام این موارد فراموش نکنند.
روایاتى که از پیشوایان معصوم (علیهم السلام ) به ما رسیده است نیز آیه را به همین صورت تفسیر مى کند، و مفسران شیعه با توجه به مضمون آیه و روایات اهل بیت (علیهمالسلام ) نیز همین نظر را انتخاب کرده اند و گفته اند منظور از این عبارت اولیاء زوجه هستند، البته مواردى پیش مى آید که سر سختى کردن در گرفتن نصف مهر، آن هم قبل از عروسى ممکن است احساسات شوهر و اقوامش را جریحه دار کند و در صدد انتقامجویى بر آیند و ممکن است حیثیت و آبروى زن را در معرض خطر قرار دهد این جا است که گاه ، پدر براى حفظ مصلحت دختر خود ، لازم میبیند که از حق او گذشت نماید.
جمله ((و ان تعفوا اقرب للتقوى )) (عفو و گذشت شما به پرهیزکارى نزدیک تر است )، وظیفه مردان را در برابر زنان مطلقه خود بیان مى کند، که اگر تمام مهر را پرداختهاند چیزى پس نگیرند و اگر نپرداختهاند همه آن را بپردازند و از نیمى که حق آنها است صرف نظر کنند، زیرا مسلم است دختر یا زنى که بعد از عقد یا پیش از عروسى از شوهر خود جدا مى شود ضربه سختى مى خورد و از نظر اجتماعى و روانى مواجه با مشکلاتى است و بى شک گذشت شوهر و پرداخت تمام مهر، تا حدى مرهم بر این جراحات میگذارد.
لحن مجموعه آیه ، بر اصل اساسى ((معروف و احسان ،)) در این مسائل تاکید مى کند، که حتى طلاق و جدائى آمیخته با نزاع و کشمکش و تحریک روح انتقامجویى نباشد، بلکه بر اساس بزرگوارى و احسان و عفو و گذشت ، قرار گیرد، زیرا اگر مرد و زنى نتوانند، با هم زندگى کنند و به دلائلى از هم جدا شوند دلیلى ندارد که میان آنها عداوت و دشمنى حاکم گردد.
آیه 63و64و65و66و67و68و69و70و71فرقان:
آیه و ترجمه
وَ عِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِینَ یَمْشونَ عَلى الاَرْضِ هَوْناً وَ إِذَا خَاطبَهُمُ الْجَهِلُونَ قَالُوا سلَماً(63)
وَ الَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سجَّداً وَ قِیَماً(64)
وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا اصرِف عَنَّا عَذَاب جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا کانَ غَرَاماً(65)
إِنَّهَا ساءَت مُستَقَرًّا وَ مُقَاماً(66)
وَ الَّذِینَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ یُسرِفُوا وَ لَمْ یَقْترُوا وَ کانَ بَینَ ذَلِک قَوَاماً(67)
ترجمه :
63 - بندگان خاص خداوند رحمن آنها هستند که با آرامش و بى تکبر بر زمین راه مى روند و هنگامى که جاهلان آنها را مخاطب سازند به آنها سلام مى گویند (و با بى اعتنائى و بزرگوارى مى گذرند).
64 - آنها کسانى هستند که شبانگاه براى پروردگارشان سجده و قیام مى کنند.
65 - آنها کسانى هستند که مى گویند پروردگارا عذاب جهنم را از ما بر طرف گردان که عذابش سخت و پر دوام است !
66 - آن بد جایگاه و بد محل اقامتى است .
67 - آنها کسانى هستند که هر گاه انفاق کنند نه اسراف مى کنند و نه سختگیرى ، بلکه در میان ایندو حد اعتدالى دارند.
تفسیر:
صفات ویژه بندگان خاص خدا
از این آیات به بعد بحث جامع و جالبى پیرامون صفات ویژه بندگان خاص پروردگار که تحت عنوان عبادالرحمان آمده ، مطرح مى شود، و در حقیقت تکمیلى است براى آیات گذشته که مشرکان لجوج هنگامى که نام خداوند رحمان برده مى شد از سر استهزاء و غرور مى گفتند: رحمان چیست ؟ و دیدیم که قرآن ضمن دو آیه خداوند رحمان را به آنها معرفى کرد، اکنون نوبت این رسیده است به بندگان خاص این خداوند رحمان را معرفى کند، جائى که بندگان او این قدر عالى مقام و با شخصیتند عظمت خداى رحمان را بهتر مى توان درک کرد.
این آیات دوازده صفت از صفات ویژه آنان را بیان مى کند که بعضى به جنبه هاى اعتقادى ارتباط دارند، و برخى اخلاقى ، و پاره اى اجتماعى ، قسمتى جنبه فردى دارد و بخش دیگرى جمعى است ، و رویهم رفته مجموعه اى است از والاترین ارزشهاى انسانى .
نخست مى گوید: بندگان خاص خداوند رحمان کسانى هستند که با آرامش و بى تکبر بر روى زمین راه مى روند (و عباد الرحمن الذین یمشون على الارض هونا).
در واقع نخستین توصیفى که از عباد الرحمن شده است ، نفى کبر و غرور و خودخواهى است که در تمام اعمال انسان و حتى در کیفیت راه رفتن او آشکار مى شود زیرا ملکات اخلاقى همیشه خود را در لابلاى اعمال و گفتار و حرکات انسان نشان مى دهند، تا آنجا که از چگونگى راه رفتن یک انسان مى توان با دقت و موشکافى به قسمت قابل توجهى از اخلاق او پى برد.
آرى آنها متواضعند، و تواضع کلید ایمان است ، در حالى که غرور و کبر کلید کفر محسوب مى شود، در زندگى روزمره با چشم خود دیده ایم و در آیات قرآن نیز کرارا خوانده ایم که متکبران مغرور حتى حاضر نبودند به سخنان رهبران الهى گوش فرا دهند، حقایق را به باد مسخره مى گرفتند، و دید آنها فراتر از نوک بینى آنها نبود، آیا با این حالت کبر ایمان آوردن امکان پذیر است ؟!
آرى این مؤ منان بنده خداوند رحمانند، و نخستین نشانه بندگى همان تواضع است . تواضعى که در تمام ذرات وجود آنان نفوذ کرده و حتى در راه رفتن آنها آشکار است .
و اگر مى بینیم یکى از مهمترین دستوراتى که خداوند به پیامبرش مى دهد این است که و لا تمش فى الارض مرحا انک لن تخرق الارض و لن تبلغ الجبال طولا: در روى زمین از سر کبر و غرور گام بر مدار چرا که نمى توانى زمین را بشکافى و طول قامتت هرگز به کوهها نمى رسد. (سوره اسراء آیه 37) نیز به خاطر همین است که روح ایمان تواضع مى باشد
لینک دانلود و خرید پایین توضیحات
دسته بندی : وورد
نوع فایل : word (..doc) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )
تعداد صفحه : 5 صفحه
قسمتی از متن word (..doc) :
تفسیر سوره بقره (آیه 1 تا 5)
سورةُ البَقَرة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
الم
الم : از حروف مقطعه قرآن است .
***
تفسیر: یکی از منظور از حروفهای مقطعه این است که اعجاز قرآن از همین حرفهایی است که در اختیار همگان می باشد همانند تنوع شگفت انگیز موجودات در عالم هستی که از عناصر محدود و معدود بوجود آمده اند. مطلبی که این موضوع را ثابت می کند اینست که در 24 مورد از سوره هایی که با حروف مقطعه آغاز شده بلافاصله سخن از قرآن و عظمت آن به میان می آید.
***
ذلِکَ الْکِتابُ لا رَیْبَ فِیهِ هُدىً لِلْمُتَّقِینَ
ذلِکَ: آن (اسم اشاره ی دور برای تعظیم و تکریم به کار رفته است)
الْکِتابُ: کتاب ( قرآن)
لا: نه نیست
رَیْبَ: شک و تردید
فِیهِ: در آن
هُدىً: راهنما- هدایت کننده (مایه ی هدایت)
لِلْمُتَّقِینَ: برای پرهیزکاران اهل تقوا
(اهل تقوا کسانی هستند که دستورات خدا را اطاعت می کنند و بر انجام واجبات و ترک محرمات مراقبت و مداومت دارند)
***
تفسیر: چرا راهنمای متقین است ؟ چون دو دسته جاهل داریم یکی آنکه از خسارت و سقوط ترسان است لذا طالب ارشاد و حقیقت و هدایت می باشد اینان همان متقین هستند و دیگری جاهلی لجوج است و هیچ واهمه ای از خطرات قطعی و جانگداز ندارد لذا به دنبال هدایت نیز نخواهد بود به عبارت دیگر نور هدایت فقط برای بیداران و روندگان مفید است و نه خفتگان و ایستاده ها. به عبارت دقیقتر متقین دارای دو هدایتند، یک هدایت اولی که به خاطر آن متقی شدند و یک هدایت دومی که خدا به خاطر تقوایشان به ایشان کرامت می فرماید که در آیات بعدی به آن اشاره می شود. چون هدایت دومی متقین بوسیله قرآن صورت می گیرد ، معلوم می شود هدایت اولی و قبل از قرآن بوده و علت آن سلامت فطرت بوده است اما اینکه چرا بعضی فطرتشان سالم است و بعضی ناسالم و یا علت تامه اش خود انسان است؟؟؟
در پاسخ می گوییم هیچ یک از اینها علت تامه نیست ولی همه ی آنها بمقدار اقتضاء اثر دارد. همانطور که متقین دارای دو هدایتند، آیات بعدی توضیح می دهد که کفار و منافقین نیز دارای دو ضلالت و کوری هستند، یکی ضلالت و کوری اول، که باعث اوصاف خبیثه ی آنان از کفر و نفاق و غیره شد، دوم ضلالت و کوری ای که ضلالت و کوری اولشان را بیشتر کرد، اولی را بخود آنان نسبت داد و دومی را بخودش ، که بعنوان مجازات دچار ضلالت و کوری بیشترشان کرد .
***
الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ وَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ
الَّذِینَ: کسانی که- (متقین)
یُؤْمِنُونَ: ایمان می آورند ( باور می کنند)
بِالْغَیْبِ: به (عالم) غیب (عالم غیر محسوسات)
غیب به معنای پنهان است، چیزهایی که با حواس ظاهری قابل درک نیستند و مقصود از غیب ، خداوند ، فرشتگان ، حضرت مهدی(ع) و قیامت است)
یُقِیمُونَ: اقامه می کنند- برپا می دارند
الصَّلاةَ: نماز
مِمَّا: از آنچه
رَزَقْناهُمْ: روزی داده ایم به آنها
یُنْفِقُونَ: انفاق می کنند (همیشه در راه خدا بخشش می کنند)
***
تفسیر: متقین چه مشخصاتی دارند؟؟؟ چون فطرت سالمی دارند ، باین حقیقت اعتراف دارند که موجودی محتاج هستند و احتیاجشان به چیزی است که خارج از ذات خودشان است یعنی شخصی که سلامت فطرت داشته باشد خواه ناخواه ایمان به موجودی دارد که هستی خودش و هستی همه ی عالم ، مستند به آن موجود است. پس متقین به غیب ایمان دارند و افق دید و جهان بینی آنها محدود به ماده محسوسات نیست. رسالت قرآن نیز در این راستاست یعنی می خواهد دید انسان را از قشر تنگ و نازک عالم شهادت و محسوسات خارج ساخته و او را متوجه ی عالم پر عظمت غیب سازد. ملائک ، لوح محفوظ ، عرش و کرسی ، بهشت و جهنم و حتی روح و روان انسانها بخشی از عالم غیب هستند که متقین به آن ایمان دارند. تأکید قرآن برای باز کردن افق دید انسان به خاطر اینست که احساسات و رفتار افراد تابع جهان بینی و ایمان آنهاست. شخص سلیم الفطره بعد از آنکه به چنین موجود غیبی ایمان آورد و معتقد شد که او حتی دقیقه ای از حوائج موجودات غافل نمی ماند آنوقت باور می کند که او لحظه ای نیز از هدایت بندگانش غافل نمی ماند و راه نجات را به آنان نشان می دهد. به این ترتیب سر از مسئله توحید و نبوت و معاد در می آورد و در نتیجه خود را ملزم می داند که در برابر آن مبدأ یکتا خضوع کند چون خالق و رب او و رب همه عالم است و نیز خود را ملزم می داند که در جستجوی هدایت او بر آید و وقتی به هدایت او رسید ، آنچه در وسع او هست از مال و جاه و علم و فضیلت همه را در راه احیاء آن هدایت و نشر آن دین ، بکار می بندد و این همان نماز و انفاق است اما نه نماز و زکات قرآن ، چون گفتار ما درباره ی شخص سلیم الفطره ای است که می پذیرد. به عبارت دیگر انسان به حسب فطرت سالم خود در می یابد که مهمترین کار بنده دو چیز است یکی توجه به خدا و دیگری توجه به مردم و انفاق کردن در راه خدا
***
وَ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَیْکَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِکَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ
***
یُؤْمِنُونَ: ایمان می آورند - ( تصدیق می کنند)
بِما: به آنچه
أُنْزِلَ: نازل شده
إِلَیْکَ: به تو
مِنْ قَبْلِکَ: قبل از تو - پیش از تو
بِالْآخِرَةِ: به عالم آخرت
هُمْ: آنها
یُوقِنُونَ: یقین دارند (صد در صد باور می کنند)
***
تفسیر: خصیصه ی دیگر متقین یا انسانهای سلیم الفطره اینست که به هدایت الهی و وجوب آن باور دارند لذا هم به کلام رسول (ص) ایمان می آورند و هم بدون هیچ تعصبی به آنچه خدا قبلا بر پیامبرانش نازل کرده ایمان دارند زیرا رحمت و هدایت خدا دائمی دانسته و آنرا منحصر به هیچ عصر و نسلی نمی کنند. بلاخره اینکه به آخرت یقین داشته و معتقد به جاودانگی هستند یعنی آفرینش انسان را بیهوده نمی دانند لذا در هر اقدامی محکمه ی عدل خدا را از نظر دور نمی دارند. اما چرا بجای ایمان به آخرت فرمود یقین به آخرت؟؟؟ زیرا گاه می شود انسان به چیزی ایمان دارد ولی از لوازم آن غافل است اما وقتی به آن یقین پیدا کرد دیگر نسبت به آن و لوازمش هیچ غفلتی نمی کند. خلاصه اینکه این پنج صفتی که خدای تعالی آنها را زمینه ی هدایت قرآنی خود قرار داده ، صفاتی است که فطرت سالم در آدمی ایجاد می کند و در آیات مورد بحث به دارندگان چنین فطرتی وعده می دهد که بزودی بوسیله ی قرآنش ایشان را هدایت می کند ، البته هدایتی زائد بر هدایت دومی دست نمی دهد. دلیل بر اینکه هدایت دومی از ناحیه خدای سبحان و فرع هدایت اولی است، آیات بسیاری است از جمله " خدا کسانی که ایمان آوردند ، به قول ثابت در حیات دنیا در آخرت پا بر جا می کند و خلاصه آنچنانشان را آنچنانتر می سازد)
پس معلوم می شود بقول معروف چشمه باید از خودش آب داشته باشد تا با لایروبی زیادترش کرد
***
أُولئِکَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
أُولئِکَ: آنان - ( پرهیزکاران )
عَلى: بر
لینک دانلود و خرید پایین توضیحات
دسته بندی : وورد
نوع فایل : word (..doc) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )
تعداد صفحه : 10 صفحه
قسمتی از متن word (..doc) :
بسم الله الرحمن الرحیم
تفسیر آیه 102 سوره بقره
تفسیر موضوعی قرآن صفحه 2
متن
و اتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّیَاطِینُ عَلَى مُلْکِ سُلَیْمَـانَ وَ مَا کَفَــرَ سُلَیْمَانُ و َلَکِنَّ الشَّیْاطِینَ کَفَـرُواْ یُعَلِّمُـونَ النَّـاسَ السِّحْرَ وَ مَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَکَیْنِ بِبَابِلَ هَـارُوتَ و َمَارُوتَ وَ مَا یُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى یَقُولاَ إِنَّمَـا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَکْفُرْ فَیَتَعَلَّمُـونَ مِنْهُمَا مَـا یُفَـرِّقُـونَ بِهِ بَیْنَ الْمَـرْءِ وَ زَوْجِـهِ وَ مَـا هُـم بِضَـآرِّینَ بِـهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَ یَتَعَلَّمُونَ مَا یَضُرُّهُمْ و لاَ یَنفَعُهُـمْ و َلَقَدْ عَلِمُـواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِی الآخرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَ لَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ کَانُواْ یَعْلَمُونَ
ترجمه
یهود از آنچه شیاطین در عصر سلیمان بر مردم مى خواندند پیروى مى کردند، سلیمان هرگز دست به سحر نیالود و کافر نشد، ولکن شیاطین کفر ورزید و به مردم
تعلیم سحر دادند (و نیز یهود) از آنچه بر دو فرشته بابل(هاروت وماروت) نازل شد پیروى کردند، (آنها طریق سحر کردن را براى آشنائى به طرز ابطال آن به مردم یاد مى دادند) و به هیچ کس چیزى یاد نمى دادند مگر اینکه قبلا به او مى گفتند ما وسیله آزمایش شما هستیم ، کافر نشوید (و از این تعلیمات سوء استفاده نکنید) ولى آنها از آن دو فرشته مطالبى را مى آموختند که بتوانند به وسیله آن میان مرد و همسرش جدائى بیفکنند (نه اینکه از آن براى ابطال سحر استفاده کنند) ولى هیچگاه بدون فرمان خدا نمى توانند به انسانى ضرر برسانند، آنها قسمتهائى را فرا مى گرفتند که براى آنان زیان داشت و نفعى نداشت ، و مسلما مى دانستند هر کسى خریدار این گونه متاع باشد سودی در آخرت نخواهد داشت و چه زشت و ناپسند بود آنچه خود را به آن مى فروختند اگر علم و دانشى مى داشتند!
تفسیر نمونه
تفسیر موضوعی قرآن صفحه 3
از احادیث چنین بر مى آید که در زمان سلیمان پیامبر (صلى اللّه علیه و آله و سلم ) گروهى در کشور او به عمل سحر و جادوگرى پرداختند سلیمان دستور داد تمام نوشته ها و اوراق آنها را جمع آورى کرده در محل مخصوصى نگهدارى کنند (این نگهدارى شاید به خاطر آن بوده که مطالب مفیدى براى دفع سحر ساحران در میان آنها وجود داشته)
پس از وفات سلیمان گروهى آنها را بیرون آورده و شروع به اشاعه و تعلیم سحر کردند، بعضى از این موقعیت استفاده کرده و گفتند سلیمان اصلا پیامبر نبود بلکه به کمک همین سحر و جادوگریها بر کشورش مسلط شد و امور خارق العاده انجام مى داد!
گروهى از بنى اسرائیل هم از آنها تبعیت کردند و سخت به جادوگرى دل بستند، تا آنجا که دست از تورات نیز برداشتند.
هنگامى که پیامبر اسلام (صلى اللّه علیه و آله و سلم ) ظهور کرد و ضمن آیات قرآن اعلام نمود سلیمان از پیامبران خدا بوده است ، بعضى از احبار و علماى یهود گفتند: از محمد تعجب نمى کنید که مى گوید سلیمان پیامبر است در صورتى که او ساحر بوده ؟
این گفتار یهود علاوه بر اینکه تهمت و افتراى بزرگى نسبت به این پیامبر الهى محسوب مى شد لازمهاش تکفیر سلیمان (علیه السلام ) بود، زیرا طبق گفته آنان سلیمان مرد ساحرى بوده که خود را به دروغ پیامبر خوانده و این عمل موجب کفر است .
آیات فوق به آنها پاسخ مى گوید. به هر حال این آیه بخش دیگری از زشتکاریهاى یهود را معرفى مى کند که پیامبر بزرگ خدا سلیمان را به سحر و جادوگرى متهم ساختند، مى گوید:
(آنها از آنچه شیاطین در عصر سلیمان بر مردم مى خواندند پیروى کردند)(و اتبعوا ما تتلوا الشیاطین على ملک سلیمان )
ضمیر در جمله و اتبعوا ممکن است اشاره به یهودیان معاصر پیامبر باشد و یا معاصران سلیمان و یا همه آنان .
منظور ازشیاطین نیز ممکن است ، انسانهاى طغیانگر و یا جن و یا اعم از هر دو باشد.
سپس قرآن به دنبال این سخن اضافه مى کندسلیمان هرگز کافر نشد (و ما کفر سلیمان )
تفسیر موضوعی قرآن صفحه 4
او هرگز به سحر توسل نجست ، و از جادوگرى براى پیشبرد اهداف خود استفاده نکرد،ولى شیاطین کافر شدند، و به مردم تعلیم سحر دادند(و لکن الشیاطین کفروا یعلمون الناس السحر)
آنها (یهود) همچنین از آنچه بر دو فرشته بابل ، هاروت و ماروت نازل گردید پیروى کردند(و ما انزل على الملکین ببابل هاروت و ماروت)
آرى آنها از دو سو دست به سوى سحر دراز کردند، یکى از سوى تعلیمات شیاطین در عصر سلیمان ، و دیگرى از سوى تعلیماتى که بوسیله هاروت و ماروت دو فرشته خدا در زمینه ابطال سحر به مردم داده بودند.
در حالى که دو فرشته الهى تنها هدفشان این بود که مردم را به طریق ابطال سحر ساحران آشنا سازند لذا به هیچکس چیزى یاد نمى دادند، مگر اینکه قبلا به او مى گفتند: ما وسیله آزمایش تو هستیم کافر نشو و از این تعلیمات سوء استفاده مکن.(و ما یعلمان من احد حتى یقولا انما نحن فتنة فلا تکفر)
خلاصه ، این دو فرشته زمانى به میان مردم آمدند که بازار سحر داغ بود و مردم گرفتار چنگال ساحران ، آنها مردم را به طرز ابطال سحر ساحران آشنا ساختند ولى از آنجا که خنثى کردن یک مطلب (همانند خنثى کردن یک بمب ) فرع بر این است که انسان نخست از خود آن مطلب آگاه باشد و بعد طرز خنثى کردن آن را یاد بگیرد، ناچار بودند فوت و فن سحر را قبلا شرح دهند.
ولى سوء استفاده کنندگان یهود همین را وسیله قرار دادند براى اشاعه هر چه بیشتر سحر و تا آنجا پیش رفتند که پیامبر بزرگ الهى ، سلیمان را نیز متهم ساختند که اگر عوامل طبیعى به فرمان او است یا جن و انس از او فرمان مى برند همه مولود سحر است آرى این است راه و رسم بدکاران که همیشه براى توجیه مکتب خود، بزرگان را متهم به پیروى از آن مى کنند.
به هر حال آنها از این آزمایش الهى پیروز بیرون نیامدند از آن دو فرشته مطالبى را مى آموختند که بتوانند به وسیله آن میان مرد و همسرش جدائى بیفکنند(فیتعلمون منهما ما یفرقون به بین المرء و زوجه)
لینک دانلود و خرید پایین توضیحات
دسته بندی : وورد
نوع فایل : word (..docx) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )
تعداد صفحه : 43 صفحه
قسمتی از متن word (..docx) :
آیه و236و237وسوره بقره:
آیه 237_236 سوره مبارکه بقره:
آیه و ترجمه
لا جُنَاحَ عَلَیْکمْ إِن طلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسوهُنَّ أَوْ تَفْرِضوا لَهُنَّ فَرِیضةً وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلى المُْوسِع قَدَرُهُ وَ عَلى الْمُقْترِ قَدَرُهُ مَتَعَا بِالْمَعْرُوفِ حَقاًّ عَلى المُْحْسِنِینَ(236)
وَ إِن طلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضتُمْ لَهُنَّ فَرِیضةً فَنِصف مَا فَرَضتُمْ إِلا أَن یَعْفُونَ أَوْ یَعْفُوَا الَّذِى بِیَدِهِ عُقْدَةُ النِّکاح وَ أَن تَعْفُوا أَقْرَب لِلتَّقْوَى وَ لا تَنسوُا الْفَضلَ بَیْنَکُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ(237)
ترجمه :
236 - اگر زنان را قبل از آمیزش جنسى یا تعیین مهر، (به عللى ) طلاق دهید، گناهى بر شما نیست . (و در این موقع ،) آنها را (با هدیه اى مناسب ،) بهرهمند سازید! آن کس که توانایى دارد، به اندازه تواناییاش ، و آن کس که تنگدست است ، به اندازه خودش ، هدیه اى شایسته (که مناسب حال دهنده و گیرنده باشد ) بدهد! و این بر نیکوکاران ، الزامى است .
237 - و اگر زنان را، پیش از آنکه با آنها تماس بگیرید و (آمیزش جنسى کنید) طلاق دهید، در حالى که مهرى براى آنها تعیین کردهاید، (لازم است ) نصف آنچه را تعیین کردهاید (به آنها بدهید) مگر اینکه آنها (حق خود را) ببخشند، یا (در صورتى که صغیر و سفیه باشند، ولى آنها، یعنى ) آن کس که گره ازدواج به دست اوست ، آن را ببخشد. و گذشت کردن شما (و بخشیدن تمام مهر به آنها) بپرهیزکارى نزدیکتر است . و گذشت و نیکوکارى را در میان خود فراموش نکنید، که خداوند به آنچه انجام مى دهید، بیناست !
تفسیر:
چگونگى اداى مهر
باز در ادامه احکام طلاق در این دو آیه احکام دیگرى بیان شدنخست مى فرماید: ((گناهى بر شما نیست اگر زنان را قبل از اینکه با آنها تماس پیدا کنید (و آمیزش جنسى انجام دهید) و تعیین مهر نمائید، طلاق دهید)) (لا جناح علیکم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن او تفرضوا لهن فریضة ).
البته این در صورتى است که مرد یا زن و مرد بعد از عقد ازدواج و پیش از عمل زناشویى ، متوجه شوند که به جهاتى نمیتوانند با هم زندگى کنند، چه بهتر که در این موقع با طلاق از هم جدا شوند، زیرا در مراحل بعد کار مشکلتر مى شود. و به هر حال این تعبیر، پاسخى است براى آنها که تصور مى کردند طلاق قبل از عمل زناشویى یا قبل از تعیین مهر، صحیح نیست ، قرآن مى گوید: چنین طلاقى گناهى ندارد و صحیح است (و اى بسا جلو مفاسد بیشترى را بگیرد).
بعضى نیز ((جناح )) را در اینجا به معنى ((مهر)) گرفتهاند که بر دوش شوهر سنگینى مى کند یعنى به هنگام طلاق قبل از عمل زناشویى و تعیین مهر هیچ گونه مهرى بر عهده شما نیست . گر چه بعضى از مفسران شرح زیادى درباره این تفسیر گفته اند، ولى به کار بردن کلمه جناح ، به معنى مهر مانوس نیست .
بعضى نیز احتمال داده اند که معنى جمله بالا این است : که طلاق زنها قبل از آمیزش در همه حال جایز است (خواه در حال عادت ماهیانه باشند یا نه ) در حالى که بعد از آمیزش حتما باید در حال پاکى خالى از آمیزش باشد این تفسیر بسیار بعید به نظر مى رسد، زیرا با جمله ((او تفرضوا لهن فریضة )) سازگار نیست .
سپس به بیان حکم دیگرى در این رابطه میپردازد و مى فرماید: در چنین حالى باید آنها را (با هدیه مناسبى ) بهرهمند سازید
)) (و متعوهن ).
بنابراین اگر نه مهرى تعیین شده و نه آمیزشى حاصل گشته ، شوهر بایدهدیه اى که مناسب با شئون زن باشد، بعد از طلاق به او بپردازد ولى در پرداخت این هدیه ، قدرت توانائى شوهر نیز باید در نظر گرفته شود، و لذا در دنباله آیه مى گوید: بر آن کس که توانائى دارد به اندازه توانائیش ، و بر آن کس که تنگدست است به اندازه خودش هدیه شایسته اى لازم است ، و این حقى است بر نیکوکاران (على الموسع قدره و على المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنین ).
((موسع )) به معنى توانگر، و ((مقتر)) به معنى تنگدست است (از ماده قتر به معنى بخل و تنگ نظرى نیز آمده است ) مانند: (و کان الانسان قتورا).
بنابراین توانگران باید به اندازه خود و تنگدستان نیز درخور تواناییشان این هدیه را بپردازند، و شئون زن نیز در این جهت در نظر گرفته شده است .
جمله ((متاعا بالمعروف )) میتواند اشارهاى به همه اینها باشد یعنى هدیه اى به طور شایسته و دور از اسراف و بخل ، و مناسب حال دهنده و گیرنده .
از آنجا که این هدیه اثر قابل ملاحظه اى در جلوگیرى از حس انتقامجویى و رهایى زن از عقدههایى که ممکن است ، بر اثر گسستن پیوند زناشویى حاصل شود، در آیه فوق آن را وابسته به روحیه نیکوکارى و احسان کرده و مى گوید: حقا على المحسنین : ((این عمل بر نیکوکاران لازم است )) یعنى باید آمیخته با روح نیکوکارى و مسالمت باشد.
ناگفته پیدا است تعبیر به ((نیکوکاران )) نه به خاطر این است که حکم مزبور جنبه الزامى ندارد بلکه براى تحریک احساسات خیرخواهانه افراد در راه انجام این وظیفه است و گرنه همانطور که اشاره شد این حکم جنبه الزامى دارد.
نکته جالب دیگرى که از آیه استفاده مى شود این است که : قرآن از هدیهاىکه مرد باید به زن بپردازد تعبیر به ((متاع )) کرده است و متاع در لغت به معناى چیزهائى است که انسان از آنها بهرهمند و متمتع مى شود و غالبا به غیر پول و وجه نقد اطلاق مى گردد زیرا از پول بطور مستقیم نمیتوان استفاده کرد بلکه باید تبدیل به متاع شود روى همین جهت قرآن از هدیه تعبیر به متاع کرده است .
و این موضوع از نظر روانى اثر خاصى دارد زیرا بسیار مى شود که هدیهاى از اجناس قابل استفاده مانند خوراک و پوشاک و نظایر آن که براى اشخاص برده مى شود هر چند کم قیمت باشد اثرى در روح آنها میگذارد که اگر آن را تبدیل به پول کنند هرگز آن اثر را نخواهد داشت و لذا در روایاتى که در این زمینه به ما رسیده مى بینیم غالبا ائمه اطهار نمونه هاى هدیه را امثال لباس و مواد غذائى و یا زمین زراعتى ذکر کرده اند.
ضمنا از آیه به خوبى استفاده مى شود که در ازدواج دائم تعیین مهر از قبل لازم نیست و طرفین مى توانند بعد از عقد روى آن توافق کنند و نیز استفاده مى شود که اگر قبل از تعیین مهر و آمیزش جنسى ، طلاق صورت گیرد مهر واجب نخواهد بود و هدیه مزبور جانشین ((مهر)) مى شود.
باید توجه کرد که زمان و مکان در مقدار ((هدیه مناسب )) مؤ ثر است .
در آیه بعد سخن از زنانى به میان آمده که براى آنها تعیین مهر شده است ولى قبل از آمیزش و عروسى ، جدا مى شوند، مى فرماید: اگر آنها را طلاق دهید پیش از آنکه با آنان تماس پیدا کنید (و آمیزش انجام شود) در حالى که مهرى براى آنها تعیین کردهاید، لازم است نصف آنچه را تعیین کردهاید به آنها بدهید
(و ان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن و قد فرضتم لهن فریضة فنصف ما فرضتم ).
این حکم قانونى مساله است ، که به زن حق مى دهد نصف تمام مهریه را بدون کم و کاست بگیرد هر چند آمیزشى حاصل نشده باشد.
ولى بعدا به سراغ جنبه هاى اخلاقى و عاطفى میرود و مى فرماید: ((مگر اینکه آنها حق خود را ببخشند)) (و یا اگر صغیر و سفیه هستند، ولى آنان یعنى ) آن کس که گره ازدواج به دست او است آن را ببخشد)) (الا ان یعفون او یعفو الذى بیده عقدة النکاح ).
روشن است که ولى در صورتى میتواند از حق صغیر صرف نظر کند که مصلحت صغیر ایجاب نماید.
بنابراین حکم پرداخت نصف مهر، صرف نظر از مساله عفو و بخشش است .
از آنچه گفتیم روشن مى شود که منظور از ((الذى بیده عقدة النکاح )) (کسى که گره ازدواج به دست او است ) ولى صغیر یا سفیه است ، زیرا او است که حق دارد اجازه ازدواج بدهد، ولى بعضى از مفسران چنین پنداشتهاند که منظور شوهر است ، یعنى هر گاه شوهر تمام مهر را قبلا پرداخته باشد (آن چنان که در میان بسیارى از اعراب معمول بوده ) حق دارد نصف آن را باز پس گیرد مگر اینکه ببخشد و صرف نظر کند.
اما دقت در آیه نشان مى دهد که صحیح همان تفسیر اول است ، زیرا روى سخن در آیه با شوهران است ، به همین دلیل آنها را مخاطب قرار داده و مى گوید: ((و ان طلقتموهن )) (اگر آنها را طلاق دادید) در حالى که جمله او ((یعفو الذى بیده عقدة النکاح )) به صورت فعل غائب ذکر شده و مناسب نیست که منظور از آن ، شوهران باشند.
آرى در جمله بعد مى گوید: عفو و گذشت شما (و پرداختن تمام مهر) به پرهیزکارى نزدیک تر است و نیکوکارى و فضل را در میان خود فراموش نکنید که خداوند به آنچه انجام مى دهید بینا است (و ان تعفوا اقرب للتقوى و لا تنسوا الفضل بینکم ان الله بما تعملون بصیر).
به طور مسلم مخاطب در این جمله شوهرانند و در نتیجه در جمله قبل سخن از گذشت اولیاء و در این جمله سخن از گذشت شوهران است .
و جمله ((و لا تنسوا الفضل بینکم )) خطابى است به عموم مسلمانان که روح گذشت و بزرگوارى را در تمام این موارد فراموش نکنند.
روایاتى که از پیشوایان معصوم (علیهم السلام ) به ما رسیده است نیز آیه را به همین صورت تفسیر مى کند، و مفسران شیعه با توجه به مضمون آیه و روایات اهل بیت (علیهمالسلام ) نیز همین نظر را انتخاب کرده اند و گفته اند منظور از این عبارت اولیاء زوجه هستند، البته مواردى پیش مى آید که سر سختى کردن در گرفتن نصف مهر، آن هم قبل از عروسى ممکن است احساسات شوهر و اقوامش را جریحه دار کند و در صدد انتقامجویى بر آیند و ممکن است حیثیت و آبروى زن را در معرض خطر قرار دهد این جا است که گاه ، پدر براى حفظ مصلحت دختر خود ، لازم میبیند که از حق او گذشت نماید.
جمله ((و ان تعفوا اقرب للتقوى )) (عفو و گذشت شما به پرهیزکارى نزدیک تر است )، وظیفه مردان را در برابر زنان مطلقه خود بیان مى کند، که اگر تمام مهر را پرداختهاند چیزى پس نگیرند و اگر نپرداختهاند همه آن را بپردازند و از نیمى که حق آنها است صرف نظر کنند، زیرا مسلم است دختر یا زنى که بعد از عقد یا پیش از عروسى از شوهر خود جدا مى شود ضربه سختى مى خورد و از نظر اجتماعى و روانى مواجه با مشکلاتى است و بى شک گذشت شوهر و پرداخت تمام مهر، تا حدى مرهم بر این جراحات میگذارد.
لحن مجموعه آیه ، بر اصل اساسى ((معروف و احسان ،)) در این مسائل تاکید مى کند، که حتى طلاق و جدائى آمیخته با نزاع و کشمکش و تحریک روح انتقامجویى نباشد، بلکه بر اساس بزرگوارى و احسان و عفو و گذشت ، قرار گیرد، زیرا اگر مرد و زنى نتوانند، با هم زندگى کنند و به دلائلى از هم جدا شوند دلیلى ندارد که میان آنها عداوت و دشمنى حاکم گردد.
آیه 63و64و65و66و67و68و69و70و71فرقان:
آیه و ترجمه
وَ عِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِینَ یَمْشونَ عَلى الاَرْضِ هَوْناً وَ إِذَا خَاطبَهُمُ الْجَهِلُونَ قَالُوا سلَماً(63)
وَ الَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سجَّداً وَ قِیَماً(64)
وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا اصرِف عَنَّا عَذَاب جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا کانَ غَرَاماً(65)
إِنَّهَا ساءَت مُستَقَرًّا وَ مُقَاماً(66)
وَ الَّذِینَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ یُسرِفُوا وَ لَمْ یَقْترُوا وَ کانَ بَینَ ذَلِک قَوَاماً(67)
ترجمه :
63 - بندگان خاص خداوند رحمن آنها هستند که با آرامش و بى تکبر بر زمین راه مى روند و هنگامى که جاهلان آنها را مخاطب سازند به آنها سلام مى گویند (و با بى اعتنائى و بزرگوارى مى گذرند).
64 - آنها کسانى هستند که شبانگاه براى پروردگارشان سجده و قیام مى کنند.
65 - آنها کسانى هستند که مى گویند پروردگارا عذاب جهنم را از ما بر طرف گردان که عذابش سخت و پر دوام است !
66 - آن بد جایگاه و بد محل اقامتى است .
67 - آنها کسانى هستند که هر گاه انفاق کنند نه اسراف مى کنند و نه سختگیرى ، بلکه در میان ایندو حد اعتدالى دارند.
تفسیر:
صفات ویژه بندگان خاص خدا
از این آیات به بعد بحث جامع و جالبى پیرامون صفات ویژه بندگان خاص پروردگار که تحت عنوان عبادالرحمان آمده ، مطرح مى شود، و در حقیقت تکمیلى است براى آیات گذشته که مشرکان لجوج هنگامى که نام خداوند رحمان برده مى شد از سر استهزاء و غرور مى گفتند: رحمان چیست ؟ و دیدیم که قرآن ضمن دو آیه خداوند رحمان را به آنها معرفى کرد، اکنون نوبت این رسیده است به بندگان خاص این خداوند رحمان را معرفى کند، جائى که بندگان او این قدر عالى مقام و با شخصیتند عظمت خداى رحمان را بهتر مى توان درک کرد.
این آیات دوازده صفت از صفات ویژه آنان را بیان مى کند که بعضى به جنبه هاى اعتقادى ارتباط دارند، و برخى اخلاقى ، و پاره اى اجتماعى ، قسمتى جنبه فردى دارد و بخش دیگرى جمعى است ، و رویهم رفته مجموعه اى است از والاترین ارزشهاى انسانى .
نخست مى گوید: بندگان خاص خداوند رحمان کسانى هستند که با آرامش و بى تکبر بر روى زمین راه مى روند (و عباد الرحمن الذین یمشون على الارض هونا).
در واقع نخستین توصیفى که از عباد الرحمن شده است ، نفى کبر و غرور و خودخواهى است که در تمام اعمال انسان و حتى در کیفیت راه رفتن او آشکار مى شود زیرا ملکات اخلاقى همیشه خود را در لابلاى اعمال و گفتار و حرکات انسان نشان مى دهند، تا آنجا که از چگونگى راه رفتن یک انسان مى توان با دقت و موشکافى به قسمت قابل توجهى از اخلاق او پى برد.
آرى آنها متواضعند، و تواضع کلید ایمان است ، در حالى که غرور و کبر کلید کفر محسوب مى شود، در زندگى روزمره با چشم خود دیده ایم و در آیات قرآن نیز کرارا خوانده ایم که متکبران مغرور حتى حاضر نبودند به سخنان رهبران الهى گوش فرا دهند، حقایق را به باد مسخره مى گرفتند، و دید آنها فراتر از نوک بینى آنها نبود، آیا با این حالت کبر ایمان آوردن امکان پذیر است ؟!
آرى این مؤ منان بنده خداوند رحمانند، و نخستین نشانه بندگى همان تواضع است . تواضعى که در تمام ذرات وجود آنان نفوذ کرده و حتى در راه رفتن آنها آشکار است .
و اگر مى بینیم یکى از مهمترین دستوراتى که خداوند به پیامبرش مى دهد این است که و لا تمش فى الارض مرحا انک لن تخرق الارض و لن تبلغ الجبال طولا: در روى زمین از سر کبر و غرور گام بر مدار چرا که نمى توانى زمین را بشکافى و طول قامتت هرگز به کوهها نمى رسد. (سوره اسراء آیه 37) نیز به خاطر همین است که روح ایمان تواضع مى باشد
لینک دانلود و خرید پایین توضیحات
دسته بندی : وورد
نوع فایل : word (..doc) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )
تعداد صفحه : 5 صفحه
قسمتی از متن word (..doc) :
تفسیر سوره بقره (آیه 1 تا 5)
سورةُ البَقَرة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
الم
الم : از حروف مقطعه قرآن است .
***
تفسیر: یکی از منظور از حروفهای مقطعه این است که اعجاز قرآن از همین حرفهایی است که در اختیار همگان می باشد همانند تنوع شگفت انگیز موجودات در عالم هستی که از عناصر محدود و معدود بوجود آمده اند. مطلبی که این موضوع را ثابت می کند اینست که در 24 مورد از سوره هایی که با حروف مقطعه آغاز شده بلافاصله سخن از قرآن و عظمت آن به میان می آید.
***
ذلِکَ الْکِتابُ لا رَیْبَ فِیهِ هُدىً لِلْمُتَّقِینَ
ذلِکَ: آن (اسم اشاره ی دور برای تعظیم و تکریم به کار رفته است)
الْکِتابُ: کتاب ( قرآن)
لا: نه نیست
رَیْبَ: شک و تردید
فِیهِ: در آن
هُدىً: راهنما- هدایت کننده (مایه ی هدایت)
لِلْمُتَّقِینَ: برای پرهیزکاران اهل تقوا
(اهل تقوا کسانی هستند که دستورات خدا را اطاعت می کنند و بر انجام واجبات و ترک محرمات مراقبت و مداومت دارند)
***
تفسیر: چرا راهنمای متقین است ؟ چون دو دسته جاهل داریم یکی آنکه از خسارت و سقوط ترسان است لذا طالب ارشاد و حقیقت و هدایت می باشد اینان همان متقین هستند و دیگری جاهلی لجوج است و هیچ واهمه ای از خطرات قطعی و جانگداز ندارد لذا به دنبال هدایت نیز نخواهد بود به عبارت دیگر نور هدایت فقط برای بیداران و روندگان مفید است و نه خفتگان و ایستاده ها. به عبارت دقیقتر متقین دارای دو هدایتند، یک هدایت اولی که به خاطر آن متقی شدند و یک هدایت دومی که خدا به خاطر تقوایشان به ایشان کرامت می فرماید که در آیات بعدی به آن اشاره می شود. چون هدایت دومی متقین بوسیله قرآن صورت می گیرد ، معلوم می شود هدایت اولی و قبل از قرآن بوده و علت آن سلامت فطرت بوده است اما اینکه چرا بعضی فطرتشان سالم است و بعضی ناسالم و یا علت تامه اش خود انسان است؟؟؟
در پاسخ می گوییم هیچ یک از اینها علت تامه نیست ولی همه ی آنها بمقدار اقتضاء اثر دارد. همانطور که متقین دارای دو هدایتند، آیات بعدی توضیح می دهد که کفار و منافقین نیز دارای دو ضلالت و کوری هستند، یکی ضلالت و کوری اول، که باعث اوصاف خبیثه ی آنان از کفر و نفاق و غیره شد، دوم ضلالت و کوری ای که ضلالت و کوری اولشان را بیشتر کرد، اولی را بخود آنان نسبت داد و دومی را بخودش ، که بعنوان مجازات دچار ضلالت و کوری بیشترشان کرد .
***
الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ وَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ
الَّذِینَ: کسانی که- (متقین)
یُؤْمِنُونَ: ایمان می آورند ( باور می کنند)
بِالْغَیْبِ: به (عالم) غیب (عالم غیر محسوسات)
غیب به معنای پنهان است، چیزهایی که با حواس ظاهری قابل درک نیستند و مقصود از غیب ، خداوند ، فرشتگان ، حضرت مهدی(ع) و قیامت است)
یُقِیمُونَ: اقامه می کنند- برپا می دارند
الصَّلاةَ: نماز
مِمَّا: از آنچه
رَزَقْناهُمْ: روزی داده ایم به آنها
یُنْفِقُونَ: انفاق می کنند (همیشه در راه خدا بخشش می کنند)
***
تفسیر: متقین چه مشخصاتی دارند؟؟؟ چون فطرت سالمی دارند ، باین حقیقت اعتراف دارند که موجودی محتاج هستند و احتیاجشان به چیزی است که خارج از ذات خودشان است یعنی شخصی که سلامت فطرت داشته باشد خواه ناخواه ایمان به موجودی دارد که هستی خودش و هستی همه ی عالم ، مستند به آن موجود است. پس متقین به غیب ایمان دارند و افق دید و جهان بینی آنها محدود به ماده محسوسات نیست. رسالت قرآن نیز در این راستاست یعنی می خواهد دید انسان را از قشر تنگ و نازک عالم شهادت و محسوسات خارج ساخته و او را متوجه ی عالم پر عظمت غیب سازد. ملائک ، لوح محفوظ ، عرش و کرسی ، بهشت و جهنم و حتی روح و روان انسانها بخشی از عالم غیب هستند که متقین به آن ایمان دارند. تأکید قرآن برای باز کردن افق دید انسان به خاطر اینست که احساسات و رفتار افراد تابع جهان بینی و ایمان آنهاست. شخص سلیم الفطره بعد از آنکه به چنین موجود غیبی ایمان آورد و معتقد شد که او حتی دقیقه ای از حوائج موجودات غافل نمی ماند آنوقت باور می کند که او لحظه ای نیز از هدایت بندگانش غافل نمی ماند و راه نجات را به آنان نشان می دهد. به این ترتیب سر از مسئله توحید و نبوت و معاد در می آورد و در نتیجه خود را ملزم می داند که در برابر آن مبدأ یکتا خضوع کند چون خالق و رب او و رب همه عالم است و نیز خود را ملزم می داند که در جستجوی هدایت او بر آید و وقتی به هدایت او رسید ، آنچه در وسع او هست از مال و جاه و علم و فضیلت همه را در راه احیاء آن هدایت و نشر آن دین ، بکار می بندد و این همان نماز و انفاق است اما نه نماز و زکات قرآن ، چون گفتار ما درباره ی شخص سلیم الفطره ای است که می پذیرد. به عبارت دیگر انسان به حسب فطرت سالم خود در می یابد که مهمترین کار بنده دو چیز است یکی توجه به خدا و دیگری توجه به مردم و انفاق کردن در راه خدا
***
وَ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَیْکَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِکَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ
***
یُؤْمِنُونَ: ایمان می آورند - ( تصدیق می کنند)
بِما: به آنچه
أُنْزِلَ: نازل شده
إِلَیْکَ: به تو
مِنْ قَبْلِکَ: قبل از تو - پیش از تو
بِالْآخِرَةِ: به عالم آخرت
هُمْ: آنها
یُوقِنُونَ: یقین دارند (صد در صد باور می کنند)
***
تفسیر: خصیصه ی دیگر متقین یا انسانهای سلیم الفطره اینست که به هدایت الهی و وجوب آن باور دارند لذا هم به کلام رسول (ص) ایمان می آورند و هم بدون هیچ تعصبی به آنچه خدا قبلا بر پیامبرانش نازل کرده ایمان دارند زیرا رحمت و هدایت خدا دائمی دانسته و آنرا منحصر به هیچ عصر و نسلی نمی کنند. بلاخره اینکه به آخرت یقین داشته و معتقد به جاودانگی هستند یعنی آفرینش انسان را بیهوده نمی دانند لذا در هر اقدامی محکمه ی عدل خدا را از نظر دور نمی دارند. اما چرا بجای ایمان به آخرت فرمود یقین به آخرت؟؟؟ زیرا گاه می شود انسان به چیزی ایمان دارد ولی از لوازم آن غافل است اما وقتی به آن یقین پیدا کرد دیگر نسبت به آن و لوازمش هیچ غفلتی نمی کند. خلاصه اینکه این پنج صفتی که خدای تعالی آنها را زمینه ی هدایت قرآنی خود قرار داده ، صفاتی است که فطرت سالم در آدمی ایجاد می کند و در آیات مورد بحث به دارندگان چنین فطرتی وعده می دهد که بزودی بوسیله ی قرآنش ایشان را هدایت می کند ، البته هدایتی زائد بر هدایت دومی دست نمی دهد. دلیل بر اینکه هدایت دومی از ناحیه خدای سبحان و فرع هدایت اولی است، آیات بسیاری است از جمله " خدا کسانی که ایمان آوردند ، به قول ثابت در حیات دنیا در آخرت پا بر جا می کند و خلاصه آنچنانشان را آنچنانتر می سازد)
پس معلوم می شود بقول معروف چشمه باید از خودش آب داشته باشد تا با لایروبی زیادترش کرد
***
أُولئِکَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
أُولئِکَ: آنان - ( پرهیزکاران )
عَلى: بر
لینک دانلود و خرید پایین توضیحات
دسته بندی : وورد
نوع فایل : word (..doc) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )
تعداد صفحه : 10 صفحه
قسمتی از متن word (..doc) :
بسم الله الرحمن الرحیم
تفسیر آیه 102 سوره بقره
تفسیر موضوعی قرآن صفحه 2
متن
و اتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّیَاطِینُ عَلَى مُلْکِ سُلَیْمَـانَ وَ مَا کَفَــرَ سُلَیْمَانُ و َلَکِنَّ الشَّیْاطِینَ کَفَـرُواْ یُعَلِّمُـونَ النَّـاسَ السِّحْرَ وَ مَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَکَیْنِ بِبَابِلَ هَـارُوتَ و َمَارُوتَ وَ مَا یُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى یَقُولاَ إِنَّمَـا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَکْفُرْ فَیَتَعَلَّمُـونَ مِنْهُمَا مَـا یُفَـرِّقُـونَ بِهِ بَیْنَ الْمَـرْءِ وَ زَوْجِـهِ وَ مَـا هُـم بِضَـآرِّینَ بِـهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَ یَتَعَلَّمُونَ مَا یَضُرُّهُمْ و لاَ یَنفَعُهُـمْ و َلَقَدْ عَلِمُـواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِی الآخرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَ لَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ کَانُواْ یَعْلَمُونَ
ترجمه
یهود از آنچه شیاطین در عصر سلیمان بر مردم مى خواندند پیروى مى کردند، سلیمان هرگز دست به سحر نیالود و کافر نشد، ولکن شیاطین کفر ورزید و به مردم
تعلیم سحر دادند (و نیز یهود) از آنچه بر دو فرشته بابل(هاروت وماروت) نازل شد پیروى کردند، (آنها طریق سحر کردن را براى آشنائى به طرز ابطال آن به مردم یاد مى دادند) و به هیچ کس چیزى یاد نمى دادند مگر اینکه قبلا به او مى گفتند ما وسیله آزمایش شما هستیم ، کافر نشوید (و از این تعلیمات سوء استفاده نکنید) ولى آنها از آن دو فرشته مطالبى را مى آموختند که بتوانند به وسیله آن میان مرد و همسرش جدائى بیفکنند (نه اینکه از آن براى ابطال سحر استفاده کنند) ولى هیچگاه بدون فرمان خدا نمى توانند به انسانى ضرر برسانند، آنها قسمتهائى را فرا مى گرفتند که براى آنان زیان داشت و نفعى نداشت ، و مسلما مى دانستند هر کسى خریدار این گونه متاع باشد سودی در آخرت نخواهد داشت و چه زشت و ناپسند بود آنچه خود را به آن مى فروختند اگر علم و دانشى مى داشتند!
تفسیر نمونه
تفسیر موضوعی قرآن صفحه 3
از احادیث چنین بر مى آید که در زمان سلیمان پیامبر (صلى اللّه علیه و آله و سلم ) گروهى در کشور او به عمل سحر و جادوگرى پرداختند سلیمان دستور داد تمام نوشته ها و اوراق آنها را جمع آورى کرده در محل مخصوصى نگهدارى کنند (این نگهدارى شاید به خاطر آن بوده که مطالب مفیدى براى دفع سحر ساحران در میان آنها وجود داشته)
پس از وفات سلیمان گروهى آنها را بیرون آورده و شروع به اشاعه و تعلیم سحر کردند، بعضى از این موقعیت استفاده کرده و گفتند سلیمان اصلا پیامبر نبود بلکه به کمک همین سحر و جادوگریها بر کشورش مسلط شد و امور خارق العاده انجام مى داد!
گروهى از بنى اسرائیل هم از آنها تبعیت کردند و سخت به جادوگرى دل بستند، تا آنجا که دست از تورات نیز برداشتند.
هنگامى که پیامبر اسلام (صلى اللّه علیه و آله و سلم ) ظهور کرد و ضمن آیات قرآن اعلام نمود سلیمان از پیامبران خدا بوده است ، بعضى از احبار و علماى یهود گفتند: از محمد تعجب نمى کنید که مى گوید سلیمان پیامبر است در صورتى که او ساحر بوده ؟
این گفتار یهود علاوه بر اینکه تهمت و افتراى بزرگى نسبت به این پیامبر الهى محسوب مى شد لازمهاش تکفیر سلیمان (علیه السلام ) بود، زیرا طبق گفته آنان سلیمان مرد ساحرى بوده که خود را به دروغ پیامبر خوانده و این عمل موجب کفر است .
آیات فوق به آنها پاسخ مى گوید. به هر حال این آیه بخش دیگری از زشتکاریهاى یهود را معرفى مى کند که پیامبر بزرگ خدا سلیمان را به سحر و جادوگرى متهم ساختند، مى گوید:
(آنها از آنچه شیاطین در عصر سلیمان بر مردم مى خواندند پیروى کردند)(و اتبعوا ما تتلوا الشیاطین على ملک سلیمان )
ضمیر در جمله و اتبعوا ممکن است اشاره به یهودیان معاصر پیامبر باشد و یا معاصران سلیمان و یا همه آنان .
منظور ازشیاطین نیز ممکن است ، انسانهاى طغیانگر و یا جن و یا اعم از هر دو باشد.
سپس قرآن به دنبال این سخن اضافه مى کندسلیمان هرگز کافر نشد (و ما کفر سلیمان )
تفسیر موضوعی قرآن صفحه 4
او هرگز به سحر توسل نجست ، و از جادوگرى براى پیشبرد اهداف خود استفاده نکرد،ولى شیاطین کافر شدند، و به مردم تعلیم سحر دادند(و لکن الشیاطین کفروا یعلمون الناس السحر)
آنها (یهود) همچنین از آنچه بر دو فرشته بابل ، هاروت و ماروت نازل گردید پیروى کردند(و ما انزل على الملکین ببابل هاروت و ماروت)
آرى آنها از دو سو دست به سوى سحر دراز کردند، یکى از سوى تعلیمات شیاطین در عصر سلیمان ، و دیگرى از سوى تعلیماتى که بوسیله هاروت و ماروت دو فرشته خدا در زمینه ابطال سحر به مردم داده بودند.
در حالى که دو فرشته الهى تنها هدفشان این بود که مردم را به طریق ابطال سحر ساحران آشنا سازند لذا به هیچکس چیزى یاد نمى دادند، مگر اینکه قبلا به او مى گفتند: ما وسیله آزمایش تو هستیم کافر نشو و از این تعلیمات سوء استفاده مکن.(و ما یعلمان من احد حتى یقولا انما نحن فتنة فلا تکفر)
خلاصه ، این دو فرشته زمانى به میان مردم آمدند که بازار سحر داغ بود و مردم گرفتار چنگال ساحران ، آنها مردم را به طرز ابطال سحر ساحران آشنا ساختند ولى از آنجا که خنثى کردن یک مطلب (همانند خنثى کردن یک بمب ) فرع بر این است که انسان نخست از خود آن مطلب آگاه باشد و بعد طرز خنثى کردن آن را یاد بگیرد، ناچار بودند فوت و فن سحر را قبلا شرح دهند.
ولى سوء استفاده کنندگان یهود همین را وسیله قرار دادند براى اشاعه هر چه بیشتر سحر و تا آنجا پیش رفتند که پیامبر بزرگ الهى ، سلیمان را نیز متهم ساختند که اگر عوامل طبیعى به فرمان او است یا جن و انس از او فرمان مى برند همه مولود سحر است آرى این است راه و رسم بدکاران که همیشه براى توجیه مکتب خود، بزرگان را متهم به پیروى از آن مى کنند.
به هر حال آنها از این آزمایش الهى پیروز بیرون نیامدند از آن دو فرشته مطالبى را مى آموختند که بتوانند به وسیله آن میان مرد و همسرش جدائى بیفکنند(فیتعلمون منهما ما یفرقون به بین المرء و زوجه)
لینک دانلود و خرید پایین توضیحات
دسته بندی : وورد
نوع فایل : word (..doc) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )
تعداد صفحه : 51 صفحه
قسمتی از متن word (..doc) :
2
سوره بقره – آیات 15-20
جامع البیان (طبری)
اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ
الْقَوْل فِی تَأْوِیل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اُخْتُلِفَ فِی صِفَة اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ جَلَاله الَّذِی ذُکِرَ أَنَّهُ فَاعِله بِالْمُنَافِقِینَ الَّذِینَ وَصَفَ صِفَتهمْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ کَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا تَبَارَکَ اسْمه أَنَّهُ فَاعِل بِهِمْ یَوْم الْقِیَامَة فِی قَوْله تَعَالَى : { یَوْم یَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِینَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورکُمْ قِیلَ ارْجِعُوا وَرَاءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَیْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِیهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب یُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ قَالُوا بَلَى } 57 13 : 14 الْآیَة , وَکَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فَعَلَ بِالْکُفَّارِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ خَیْرًا لِأَنْفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدَادُوا إثْمًا } 3 78 فَهَذَا وَمَا أَشَبَهه مِنْ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ وَعَزَّ وَسُخْرِیَّته وَمَکْره وَخَدِیعَته لِلْمُنَافِقِینَ وَأَهْل الشِّرْک بِهِ , عِنْد قَائِلِی هَذَا الْقَوْل وَمُتَأَوِّلِی هَذَا التَّأْوِیل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ : تَوْبِیخه إیَّاهُمْ وَلَوْمه لَهُمْ عَلَى مَا رَکِبُوا مِنْ مَعَاصِی اللَّه وَالْکُفْر بِهِ , کَمَا یُقَال : إنَّ فُلَانًا لَیَهْزَأ مِنْهُ الْیَوْم وَیَسْخَر مِنْهُ ; یُرَاد بِهِ تَوْبِیخ النَّاس إیَّاهُ وَلَوْمهمْ لَهُ , أَوْ إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ , کَمَا قَالَ عُبَیْد بْن الْأَبْرَص : سَائِل بِنَا حُجْر ابْن أَمْ قَطَام إذْ ظَلَّتْ بِهِ السُّمْر النَّوَاهِل تَلْعَب فَزَعَمُوا أَنَّ السُّمْر وَهِیَ الْقَنَا لَا لَعِب مِنْهَا , وَلَکِنَّهَا لَمَا قَتَلَتْهُمْ وَشَرَّدَتْهُمْ جَعَلَ ذَلِکَ مِنْ فِعْلهَا لَعِبًا بِمَنْ فَعَلَتْ ذَلِکَ بِهِ ; قَالُوا : فَکَذَلِکَ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمِنْ اسْتَهْزَأَ بِهِ مِنْ أَهْل النِّفَاق وَالْکُفْر بِهِ , إمَّا إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ وَإِمَّا إمْلَاؤُهُ لَهُمْ لِیَأْخُذهُمْ فِی حَال أَمْنهمْ عِنْد أَنْفُسهمْ بَغْتَة , أَوْ تَوْبِیخه لَهُمْ وَلِأَئِمَّتِهِ إیَّاهُمْ قَالُوا : وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْمَکْر مِنْهُ وَالْخَدِیعَة وَالسُّخْرِیَة . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِینَ آمَنُوا وَمَا یَخْدَعُونَ إلَّا أَنْفُسهمْ } عَلَى الْجَوَاب , کَقَوْلِ الرَّجُل لِمَنْ کَانَ یَخْدَعهُ إذَا ظَفَرَ بِهِ : أَنَا الَّذِی خَدَعْتُک وَلَمْ تَکُنْ مِنْهُ خَدِیعَة وَلَکِنْ قَالَ ذَلِکَ إذْ صَارَ الْأَمْر إلَیْهِ . قَالُوا : وَکَذَلِکَ قَوْله : { وَمَکَرُوا وَمَکَرَ اللَّه وَاَللَّه خَیْر الْمَاکِرِینَ } 3 54 وَاَللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ عَلَى الْجَوَاب , وَاَللَّه لَا یَکُون مِنْهُ الْمَکْر وَلَا الْهُزْء . وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمَکْر وَالْهُزْء حَاقّ بِهِمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَقَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } 4 142 وَقَوْله : { فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ } 9 79 و { نَسُوا اللَّه فَنَسِیَهُمْ } 9 67 وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ , إخْبَار مِنْ اللَّه أَنَّهُ مُجَازِیهمْ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء , وَمُعَاقِبهمْ عُقُوبَة الْخِدَاع . فَأَخْرَجَ خَبَره عَنْ جَزَائِهِ وَمَا إیَّاهُمْ وَعِقَابه لَهُمْ مَخْرَج خَبَره عَنْ فِعْلهمْ الَّذِی عَلَیْهِ اسْتَحَقُّوا الْعِقَاب فِی اللَّفْظ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَیَانِ , کَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَزَاء سَیِّئَة سَیِّئَة مِثْلهَا } 42 40 وَمَعْلُوم أَنَّ الْأُولَى مِنْ صَاحِبهَا سَیِّئَة إذْ کَانَتْ مِنْهُ لِلَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَى مَعْصِیَة , وَأَنَّ الْأُخْرَى عَدْل لِأَنَّهَا مِنْ اللَّه جَزَاء لِلْعَاصِی عَلَى الْمَعْصِیَة . فَهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَ لَفْظَاهُمَا مُخْتَلِفًا الْمَعْنَى . وَکَذَلِکَ قَوْله : { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ } 2 194 فَالْعُدْوَان الْأَوَّل ظُلْم , وَالثَّانِی جَزَاء لَا ظُلْم , بَلْ هُوَ عَدْل ; لِأَنَّهُ عُقُوبَة لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمه وَإِنْ وَافَقَ لَفْظه لَفْظ الْأَوَّل . وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَجَّهُوا کُلّ مَا فِی الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِکَ مِمَّا هُوَ خَبَر عَنْ مَکْر اللَّه جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْمٍ , وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ . وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّ مَعْنَى ذَلِکَ أَنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِینَ أَنَّهُمْ إذَا خَلَوْا إلَى مَرَدَتهمْ قَالُوا : إنَّا مَعَکُمْ عَلَى دِینکُمْ فِی تَکْذِیب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ , وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِر لَهُمْ مِنْ قَوْلنَا لَهُمْ صَدَّقْنَا بِمُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا جَاءَ بِهِ مُسْتَهْزِئُونَ . یَعْنُونَ : إنَّا نُظْهِر لَهُمْ مَا هُوَ عِنْدنَا بَاطِل لَا حَقّ وَلَا هُدًى . قَالُوا : وَذَلِکَ هُوَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِی الِاسْتِهْزَاء . فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ بِهِمْ فَیَظْهَر لَهُمْ مِنْ أَحْکَامه فِی الدُّنْیَا خِلَاف الَّذِی لَهُمْ عِنْده فِی الْآخِرَة , کَمَا أَظَهَرُوا لِلنَّبِیِّ صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِینَ فِی الدِّین مَا هُمْ عَلَى خِلَافه فِی سَرَائِرهمْ . وَالصَّوَاب فِی ذَلِکَ مِنْ الْقَوْل وَالتَّأْوِیل عِنْدنَا , أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء فِی کَلَام الْعَرَب : إظْهَار الْمُسْتَهْزِئ لِلْمُسْتَهْزَإِ بِهِ مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل مَا یُرْضِیه وَیُوَافِقهُ ظَاهِرًا , وَهُوَ بِذَلِکَ مِنْ قَیْله وَفِعْله بِهِ مُوَرِّثه مُسَاءَة بَاطِنًا , وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْخِدَاع وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر . وَإِذْ کَانَ ذَلِکَ کَذَلِکَ , وَکَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ النِّفَاق فِی الدُّنْیَا مِنْ الْأَحْکَام بِمَا أَظَهَرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه الْمُدْخِل لَهُمْ فِی عِدَاد مَنْ یَشْمَلهُ اسْم الْإِسْلَام وَإِنْ کَانُوا لِغَیْرِ ذَلِکَ مُسْتَبْطِنِینَ مِنْ أَحْکَام الْمُسْلِمِینَ الْمُصَدِّقِینَ إقْرَارهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِذَلِکَ بِضَمَائِر قُلُوبهمْ وَصَحَائِح عَزَائِمهمْ وَحَمِید أَفْعَالهمْ الْمُحَقِّقَة لَهُمْ صِحَّة إیمَانهمْ , مَعَ عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِکَذِبِهِمْ , وَاطِّلَاعه عَلَى خُبْث اعْتِقَادهمْ وَشَکّهمْ فِیمَا ادَّعَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّهُمْ مُصَدِّقُونَ حَتَّى ظَنُّوا فِی الْآخِرَة إذْ حُشِرُوا فِی عِدَاد مَنْ کَانُوا فِی عِدَادهمْ فِی الدُّنْیَا أَنَّهُمْ وَارِدُونَ مَوْرِدهمْ وَدَاخِلُونَ مَدْخَلهمْ , وَاَللَّه جَلَّ جَلَاله مَعَ إظْهَاره مَا قَدْ أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْکَام لِمُلْحَقَتِهِمْ فِی عَاجِل الدُّنْیَا وَآجِل الْآخِرَة إلَى حَال تَمْیِیزه بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ وَتَفْرِیقه بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ ; مُعَدٍّ لَهُمْ مِنْ أَلِیم عِقَابه وَنَکَال عَذَابه مَا أَعَدَّ مِنْهُ لِأَعْدَى أَعْدَائِهِ وَأَشَرّ عِبَاده , حَتَّى مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ فَأَلْحَقَهُمْ مِنْ طَبَقَات جَحِیمه بِالدَّرْکِ الْأَسْفَل . کَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِکَ مِنْ فِعْله بِهِمْ , وَإِنْ کَانَ جَزَاء لَهُمْ عَلَى أَفْعَالهمْ وَعَدْلًا مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِکَ بِهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إیَّاهُ مِنْهُ بِعِصْیَانِهِمْ لَهُ کَانَ بِهِمْ بِمَا أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأُمُور الَّتِی أَظْهَرَهَا لَهُمْ مِنْ إلْحَاقه أَحْکَامهمْ فِی الدُّنْیَا بِأَحْکَامِ أَوْلِیَائِهِ وَهُمْ لَهُ أَعْدَاء , وَحَشْره إیَّاهُمْ فِی الْآخِرَة مَعَ الْمُؤْمِنِینَ وَهُمْ بِهِ مِنْ الْمُکَذِّبِینَ إلَى أَنْ مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ , مُسْتَهْزِئًا وَسَاخِرًا وَلَهُمْ خَادِعًا وَبِهِمْ مَاکِرًا . إذْ کَانَ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر وَالْخَدِیعَة مَا وَصَفْنَا قَبْل , دُون أَنْ یَکُون ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی حَال فِیهَا الْمُسْتَهْزِئ بِصَاحِبِهِ لَهُ ظَالِم أَوْ عَلَیْهِ فِیهَا غَیْر عَادِل , بَلْ ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی کُلّ أَحْوَاله إذَا وُجِدَتْ الصِّفَات الَّتِی قَدَّمْنَا ذِکْرهَا فِی مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَمَا أَشَبَهه مِنْ نَظَائِره . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِیهِ رُوِیَ الْخَبَر عَنْ ابْن عَبَّاس . 307 - حَدَّثَنَا أَبُو کُرَیْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِید , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عَمَّار عَنْ أَبِی رَوْق , عَنْ الضَّحَّاک , عَنْ ابْن عَبَّاس فِی قَوْله : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ : یَسْخَر بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنْهُمْ . وَأَمَّا الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِکْره : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْه الْجَوَاب , وَأَنَّهُ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة ; فَنَافُونَ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ أَثَبَتَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَأَوْجَبَهُ لَهَا . وَسَوَاء قَالَ قَائِل : لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه جَلَّ ذِکْره اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة وَلَا سُخْرِیَة بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ وَیَسْخَر وَیَمْکُر بِهِ , أَوْ قَالَ : لَمْ یَخْسِف اللَّه بِمَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِ مِنْ الْأُمَم , وَلَمْ یُغْرِق مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُ مِنْهُمْ . وَیُقَال لِقَائِلِ ذَلِکَ : إنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ مَکَرَ بِقَوْمِ مَضَوْا قَبْلنَا لَمْ نَرَهُمْ , وَأَخْبَرَ عَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِمْ , وَعَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُمْ , فَصَدَّقْنَا اللَّه تَعَالَى ذِکْره فِیمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ ذَلِکَ , وَلَمْ نُفَرِّق بَیْن شَیْء مِنْهُ , فَمَا بُرْهَانک عَلَى تَفْرِیقک مَا فَرَّقْت بَیْنه بِزَعْمِک أَنَّهُ قَدْ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِهِ , وَلَمْ یَمْکُر بِهِ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ مَکَرَ بِهِ ؟ ثُمَّ نَعْکِس الْقَوْل عَلَیْهِ فِی ذَلِکَ فَلَنْ یَقُول فِی أَحَدهمَا شَیْئًا إلَّا أُلْزِمَ فِی الْآخَر مِثْله . فَإِنْ لَجَأَ إلَى أَنْ یَقُول إنَّ الِاسْتِهْزَاء عَبَث وَلَعِب , وَذَلِکَ عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْفِیّ . قِیلَ لَهُ : إنْ کَانَ الْأَمْر عِنْدک عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء , أَفَلَسْت تَقُول : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ وَمَکَرَ اللَّه بِهِمْ , وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه عِنْدک هُزْء وَلَا سُخْرِیَة ؟ فَإِنْ قَالَ : " لَا " کَذَّبَ بِالْقُرْآنِ وَخَرَجَ عَنْ مِلَّة الْإِسْلَام , وَإِنْ قَالَ : " بَلَى " , قِیلَ لَهُ : أَفَتَقُول مِنْ الْوَجْه الَّذِی قُلْت : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ ; یَلْعَب اللَّه بِهِمْ وَیَعْبَث , وَلَا لَعِب مِنْ اللَّه وَلَا عَبَث ؟ فَإِنْ قَالَ : " نَعَمْ " , وَصَفَ اللَّه بِمَا قَدْ أَجَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَفِیه عَنْهُ وَعَلَى تَخْطِئَة وَاصِفه بِهِ , وَأَضَافَ إلَیْهِ مَا قَدْ قَامَتْ الْحُجَّة مِنْ الْعُقُول عَلَى ضَلَال مُضِیفه إلَیْهِ . وَإِنْ قَالَ : لَا أَقُول یَلْعَب اللَّه بِهِ وَلَا یَعْبَث , وَقَدْ أَقُول یَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَیَسْخَر مِنْهُمْ ; قِیلَ : فَقَدْ فَرَّقْت بَیْن مَعْنَى اللَّعِب , وَالْعَبَث , وَالْهُزْء , وَالسُّخْرِیَة , وَالْمَکْر , وَالْخَدِیعَة . وَمِنْ الْوَجْه الَّذِی جَازَ قِیلَ هَذَا وَلَمْ یَجُزْ قِیلَ هَذَا افْتَرَقَ مَعْنَیَاهُمَا , فَعُلِمَ أَنَّ لِکُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مَعْنًى غَیْر مَعْنَى الْآخَر . وَلِلْکَلَامِ فِی هَذَا النَّوْع مَوْضِع غَیْر هَذَا کَرِهْنَا إطَالَة الْکِتَاب بِاسْتِقْصَائِهِ , وَفِیمَا ذَکَرْنَا کِفَایَة لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .
2
سوره بقره – آیات 15-20
جامع البیان (طبری)
اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ
الْقَوْل فِی تَأْوِیل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اُخْتُلِفَ فِی صِفَة اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ جَلَاله الَّذِی ذُکِرَ أَنَّهُ فَاعِله بِالْمُنَافِقِینَ الَّذِینَ وَصَفَ صِفَتهمْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ کَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا تَبَارَکَ اسْمه أَنَّهُ فَاعِل بِهِمْ یَوْم الْقِیَامَة فِی قَوْله تَعَالَى : { یَوْم یَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِینَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورکُمْ قِیلَ ارْجِعُوا وَرَاءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَیْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِیهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب یُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ قَالُوا بَلَى } 57 13 : 14 الْآیَة , وَکَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فَعَلَ بِالْکُفَّارِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ خَیْرًا لِأَنْفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدَادُوا إثْمًا } 3 78 فَهَذَا وَمَا أَشَبَهه مِنْ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ وَعَزَّ وَسُخْرِیَّته وَمَکْره وَخَدِیعَته لِلْمُنَافِقِینَ وَأَهْل الشِّرْک بِهِ , عِنْد قَائِلِی هَذَا الْقَوْل وَمُتَأَوِّلِی هَذَا التَّأْوِیل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ : تَوْبِیخه إیَّاهُمْ وَلَوْمه لَهُمْ عَلَى مَا رَکِبُوا مِنْ مَعَاصِی اللَّه وَالْکُفْر بِهِ , کَمَا یُقَال : إنَّ فُلَانًا لَیَهْزَأ مِنْهُ الْیَوْم وَیَسْخَر مِنْهُ ; یُرَاد بِهِ تَوْبِیخ النَّاس إیَّاهُ وَلَوْمهمْ لَهُ , أَوْ إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ , کَمَا قَالَ عُبَیْد بْن الْأَبْرَص : سَائِل بِنَا حُجْر ابْن أَمْ قَطَام إذْ ظَلَّتْ بِهِ السُّمْر النَّوَاهِل تَلْعَب فَزَعَمُوا أَنَّ السُّمْر وَهِیَ الْقَنَا لَا لَعِب مِنْهَا , وَلَکِنَّهَا لَمَا قَتَلَتْهُمْ وَشَرَّدَتْهُمْ جَعَلَ ذَلِکَ مِنْ فِعْلهَا لَعِبًا بِمَنْ فَعَلَتْ ذَلِکَ بِهِ ; قَالُوا : فَکَذَلِکَ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمِنْ اسْتَهْزَأَ بِهِ مِنْ أَهْل النِّفَاق وَالْکُفْر بِهِ , إمَّا إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ وَإِمَّا إمْلَاؤُهُ لَهُمْ لِیَأْخُذهُمْ فِی حَال أَمْنهمْ عِنْد أَنْفُسهمْ بَغْتَة , أَوْ تَوْبِیخه لَهُمْ وَلِأَئِمَّتِهِ إیَّاهُمْ قَالُوا : وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْمَکْر مِنْهُ وَالْخَدِیعَة وَالسُّخْرِیَة . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِینَ آمَنُوا وَمَا یَخْدَعُونَ إلَّا أَنْفُسهمْ } عَلَى الْجَوَاب , کَقَوْلِ الرَّجُل لِمَنْ کَانَ یَخْدَعهُ إذَا ظَفَرَ بِهِ : أَنَا الَّذِی خَدَعْتُک وَلَمْ تَکُنْ مِنْهُ خَدِیعَة وَلَکِنْ قَالَ ذَلِکَ إذْ صَارَ الْأَمْر إلَیْهِ . قَالُوا : وَکَذَلِکَ قَوْله : { وَمَکَرُوا وَمَکَرَ اللَّه وَاَللَّه خَیْر الْمَاکِرِینَ } 3 54 وَاَللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ عَلَى الْجَوَاب , وَاَللَّه لَا یَکُون مِنْهُ الْمَکْر وَلَا الْهُزْء . وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمَکْر وَالْهُزْء حَاقّ بِهِمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَقَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } 4 142 وَقَوْله : { فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ } 9 79 و { نَسُوا اللَّه فَنَسِیَهُمْ } 9 67 وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ , إخْبَار مِنْ اللَّه أَنَّهُ مُجَازِیهمْ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء , وَمُعَاقِبهمْ عُقُوبَة الْخِدَاع . فَأَخْرَجَ خَبَره عَنْ جَزَائِهِ وَمَا إیَّاهُمْ وَعِقَابه لَهُمْ مَخْرَج خَبَره عَنْ فِعْلهمْ الَّذِی عَلَیْهِ اسْتَحَقُّوا الْعِقَاب فِی اللَّفْظ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَیَانِ , کَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَزَاء سَیِّئَة سَیِّئَة مِثْلهَا } 42 40 وَمَعْلُوم أَنَّ الْأُولَى مِنْ صَاحِبهَا سَیِّئَة إذْ کَانَتْ مِنْهُ لِلَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَى مَعْصِیَة , وَأَنَّ الْأُخْرَى عَدْل لِأَنَّهَا مِنْ اللَّه جَزَاء لِلْعَاصِی عَلَى الْمَعْصِیَة . فَهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَ لَفْظَاهُمَا مُخْتَلِفًا الْمَعْنَى . وَکَذَلِکَ قَوْله : { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ } 2 194 فَالْعُدْوَان الْأَوَّل ظُلْم , وَالثَّانِی جَزَاء لَا ظُلْم , بَلْ هُوَ عَدْل ; لِأَنَّهُ عُقُوبَة لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمه وَإِنْ وَافَقَ لَفْظه لَفْظ الْأَوَّل . وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَجَّهُوا کُلّ مَا فِی الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِکَ مِمَّا هُوَ خَبَر عَنْ مَکْر اللَّه جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْمٍ , وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ . وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّ مَعْنَى ذَلِکَ أَنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِینَ أَنَّهُمْ إذَا خَلَوْا إلَى مَرَدَتهمْ قَالُوا : إنَّا مَعَکُمْ عَلَى دِینکُمْ فِی تَکْذِیب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ , وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِر لَهُمْ مِنْ قَوْلنَا لَهُمْ صَدَّقْنَا بِمُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا جَاءَ بِهِ مُسْتَهْزِئُونَ . یَعْنُونَ : إنَّا نُظْهِر لَهُمْ مَا هُوَ عِنْدنَا بَاطِل لَا حَقّ وَلَا هُدًى . قَالُوا : وَذَلِکَ هُوَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِی الِاسْتِهْزَاء . فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ بِهِمْ فَیَظْهَر لَهُمْ مِنْ أَحْکَامه فِی الدُّنْیَا خِلَاف الَّذِی لَهُمْ عِنْده فِی الْآخِرَة , کَمَا أَظَهَرُوا لِلنَّبِیِّ صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِینَ فِی الدِّین مَا هُمْ عَلَى خِلَافه فِی سَرَائِرهمْ . وَالصَّوَاب فِی ذَلِکَ مِنْ الْقَوْل وَالتَّأْوِیل عِنْدنَا , أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء فِی کَلَام الْعَرَب : إظْهَار الْمُسْتَهْزِئ لِلْمُسْتَهْزَإِ بِهِ مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل مَا یُرْضِیه وَیُوَافِقهُ ظَاهِرًا , وَهُوَ بِذَلِکَ مِنْ قَیْله وَفِعْله بِهِ مُوَرِّثه مُسَاءَة بَاطِنًا , وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْخِدَاع وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر . وَإِذْ کَانَ ذَلِکَ کَذَلِکَ , وَکَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ النِّفَاق فِی الدُّنْیَا مِنْ الْأَحْکَام بِمَا أَظَهَرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه الْمُدْخِل لَهُمْ فِی عِدَاد مَنْ یَشْمَلهُ اسْم الْإِسْلَام وَإِنْ کَانُوا لِغَیْرِ ذَلِکَ مُسْتَبْطِنِینَ مِنْ أَحْکَام الْمُسْلِمِینَ الْمُصَدِّقِینَ إقْرَارهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِذَلِکَ بِضَمَائِر قُلُوبهمْ وَصَحَائِح عَزَائِمهمْ وَحَمِید أَفْعَالهمْ الْمُحَقِّقَة لَهُمْ صِحَّة إیمَانهمْ , مَعَ عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِکَذِبِهِمْ , وَاطِّلَاعه عَلَى خُبْث اعْتِقَادهمْ وَشَکّهمْ فِیمَا ادَّعَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّهُمْ مُصَدِّقُونَ حَتَّى ظَنُّوا فِی الْآخِرَة إذْ حُشِرُوا فِی عِدَاد مَنْ کَانُوا فِی عِدَادهمْ فِی الدُّنْیَا أَنَّهُمْ وَارِدُونَ مَوْرِدهمْ وَدَاخِلُونَ مَدْخَلهمْ , وَاَللَّه جَلَّ جَلَاله مَعَ إظْهَاره مَا قَدْ أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْکَام لِمُلْحَقَتِهِمْ فِی عَاجِل الدُّنْیَا وَآجِل الْآخِرَة إلَى حَال تَمْیِیزه بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ وَتَفْرِیقه بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ ; مُعَدٍّ لَهُمْ مِنْ أَلِیم عِقَابه وَنَکَال عَذَابه مَا أَعَدَّ مِنْهُ لِأَعْدَى أَعْدَائِهِ وَأَشَرّ عِبَاده , حَتَّى مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ فَأَلْحَقَهُمْ مِنْ طَبَقَات جَحِیمه بِالدَّرْکِ الْأَسْفَل . کَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِکَ مِنْ فِعْله بِهِمْ , وَإِنْ کَانَ جَزَاء لَهُمْ عَلَى أَفْعَالهمْ وَعَدْلًا مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِکَ بِهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إیَّاهُ مِنْهُ بِعِصْیَانِهِمْ لَهُ کَانَ بِهِمْ بِمَا أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأُمُور الَّتِی أَظْهَرَهَا لَهُمْ مِنْ إلْحَاقه أَحْکَامهمْ فِی الدُّنْیَا بِأَحْکَامِ أَوْلِیَائِهِ وَهُمْ لَهُ أَعْدَاء , وَحَشْره إیَّاهُمْ فِی الْآخِرَة مَعَ الْمُؤْمِنِینَ وَهُمْ بِهِ مِنْ الْمُکَذِّبِینَ إلَى أَنْ مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ , مُسْتَهْزِئًا وَسَاخِرًا وَلَهُمْ خَادِعًا وَبِهِمْ مَاکِرًا . إذْ کَانَ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر وَالْخَدِیعَة مَا وَصَفْنَا قَبْل , دُون أَنْ یَکُون ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی حَال فِیهَا الْمُسْتَهْزِئ بِصَاحِبِهِ لَهُ ظَالِم أَوْ عَلَیْهِ فِیهَا غَیْر عَادِل , بَلْ ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی کُلّ أَحْوَاله إذَا وُجِدَتْ الصِّفَات الَّتِی قَدَّمْنَا ذِکْرهَا فِی مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَمَا أَشَبَهه مِنْ نَظَائِره . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِیهِ رُوِیَ الْخَبَر عَنْ ابْن عَبَّاس . 307 - حَدَّثَنَا أَبُو کُرَیْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِید , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عَمَّار عَنْ أَبِی رَوْق , عَنْ الضَّحَّاک , عَنْ ابْن عَبَّاس فِی قَوْله : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ : یَسْخَر بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنْهُمْ . وَأَمَّا الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِکْره : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْه الْجَوَاب , وَأَنَّهُ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة ; فَنَافُونَ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ أَثَبَتَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَأَوْجَبَهُ لَهَا . وَسَوَاء قَالَ قَائِل : لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه جَلَّ ذِکْره اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة وَلَا سُخْرِیَة بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ وَیَسْخَر وَیَمْکُر بِهِ , أَوْ قَالَ : لَمْ یَخْسِف اللَّه بِمَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِ مِنْ الْأُمَم , وَلَمْ یُغْرِق مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُ مِنْهُمْ . وَیُقَال لِقَائِلِ ذَلِکَ : إنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ مَکَرَ بِقَوْمِ مَضَوْا قَبْلنَا لَمْ نَرَهُمْ , وَأَخْبَرَ عَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِمْ , وَعَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُمْ , فَصَدَّقْنَا اللَّه تَعَالَى ذِکْره فِیمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ ذَلِکَ , وَلَمْ نُفَرِّق بَیْن شَیْء مِنْهُ , فَمَا بُرْهَانک عَلَى تَفْرِیقک مَا فَرَّقْت بَیْنه بِزَعْمِک أَنَّهُ قَدْ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِهِ , وَلَمْ یَمْکُر بِهِ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ مَکَرَ بِهِ ؟ ثُمَّ نَعْکِس الْقَوْل عَلَیْهِ فِی ذَلِکَ فَلَنْ یَقُول فِی أَحَدهمَا شَیْئًا إلَّا أُلْزِمَ فِی الْآخَر مِثْله . فَإِنْ لَجَأَ إلَى أَنْ یَقُول إنَّ الِاسْتِهْزَاء عَبَث وَلَعِب , وَذَلِکَ عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْفِیّ . قِیلَ لَهُ : إنْ کَانَ الْأَمْر عِنْدک عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء , أَفَلَسْت تَقُول : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ وَمَکَرَ اللَّه بِهِمْ , وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه عِنْدک هُزْء وَلَا سُخْرِیَة ؟ فَإِنْ قَالَ : " لَا " کَذَّبَ بِالْقُرْآنِ وَخَرَجَ عَنْ مِلَّة الْإِسْلَام , وَإِنْ قَالَ : " بَلَى " , قِیلَ لَهُ : أَفَتَقُول مِنْ الْوَجْه الَّذِی قُلْت : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ ; یَلْعَب اللَّه بِهِمْ وَیَعْبَث , وَلَا لَعِب مِنْ اللَّه وَلَا عَبَث ؟ فَإِنْ قَالَ : " نَعَمْ " , وَصَفَ اللَّه بِمَا قَدْ أَجَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَفِیه عَنْهُ وَعَلَى تَخْطِئَة وَاصِفه بِهِ , وَأَضَافَ إلَیْهِ مَا قَدْ قَامَتْ الْحُجَّة مِنْ الْعُقُول عَلَى ضَلَال مُضِیفه إلَیْهِ . وَإِنْ قَالَ : لَا أَقُول یَلْعَب اللَّه بِهِ وَلَا یَعْبَث , وَقَدْ أَقُول یَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَیَسْخَر مِنْهُمْ ; قِیلَ : فَقَدْ فَرَّقْت بَیْن مَعْنَى اللَّعِب , وَالْعَبَث , وَالْهُزْء , وَالسُّخْرِیَة , وَالْمَکْر , وَالْخَدِیعَة . وَمِنْ الْوَجْه الَّذِی جَازَ قِیلَ هَذَا وَلَمْ یَجُزْ قِیلَ هَذَا افْتَرَقَ مَعْنَیَاهُمَا , فَعُلِمَ أَنَّ لِکُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مَعْنًى غَیْر مَعْنَى الْآخَر . وَلِلْکَلَامِ فِی هَذَا النَّوْع مَوْضِع غَیْر هَذَا کَرِهْنَا إطَالَة الْکِتَاب بِاسْتِقْصَائِهِ , وَفِیمَا ذَکَرْنَا کِفَایَة لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .
2
سوره بقره – آیات 15-20
جامع البیان (طبری)
اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ
الْقَوْل فِی تَأْوِیل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اُخْتُلِفَ فِی صِفَة اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ جَلَاله الَّذِی ذُکِرَ أَنَّهُ فَاعِله بِالْمُنَافِقِینَ الَّذِینَ وَصَفَ صِفَتهمْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ کَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا تَبَارَکَ اسْمه أَنَّهُ فَاعِل بِهِمْ یَوْم الْقِیَامَة فِی قَوْله تَعَالَى : { یَوْم یَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِینَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورکُمْ قِیلَ ارْجِعُوا وَرَاءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَیْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِیهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب یُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ قَالُوا بَلَى } 57 13 : 14 الْآیَة , وَکَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فَعَلَ بِالْکُفَّارِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ خَیْرًا لِأَنْفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدَادُوا إثْمًا } 3 78 فَهَذَا وَمَا أَشَبَهه مِنْ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ وَعَزَّ وَسُخْرِیَّته وَمَکْره وَخَدِیعَته لِلْمُنَافِقِینَ وَأَهْل الشِّرْک بِهِ , عِنْد قَائِلِی هَذَا الْقَوْل وَمُتَأَوِّلِی هَذَا التَّأْوِیل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ : تَوْبِیخه إیَّاهُمْ وَلَوْمه لَهُمْ عَلَى مَا رَکِبُوا مِنْ مَعَاصِی اللَّه وَالْکُفْر بِهِ , کَمَا یُقَال : إنَّ فُلَانًا لَیَهْزَأ مِنْهُ الْیَوْم وَیَسْخَر مِنْهُ ; یُرَاد بِهِ تَوْبِیخ النَّاس إیَّاهُ وَلَوْمهمْ لَهُ , أَوْ إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ , کَمَا قَالَ عُبَیْد بْن الْأَبْرَص : سَائِل بِنَا حُجْر ابْن أَمْ قَطَام إذْ ظَلَّتْ بِهِ السُّمْر النَّوَاهِل تَلْعَب فَزَعَمُوا أَنَّ السُّمْر وَهِیَ الْقَنَا لَا لَعِب مِنْهَا , وَلَکِنَّهَا لَمَا قَتَلَتْهُمْ وَشَرَّدَتْهُمْ جَعَلَ ذَلِکَ مِنْ فِعْلهَا لَعِبًا بِمَنْ فَعَلَتْ ذَلِکَ بِهِ ; قَالُوا : فَکَذَلِکَ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمِنْ اسْتَهْزَأَ بِهِ مِنْ أَهْل النِّفَاق وَالْکُفْر بِهِ , إمَّا إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ وَإِمَّا إمْلَاؤُهُ لَهُمْ لِیَأْخُذهُمْ فِی حَال أَمْنهمْ عِنْد أَنْفُسهمْ بَغْتَة , أَوْ تَوْبِیخه لَهُمْ وَلِأَئِمَّتِهِ إیَّاهُمْ قَالُوا : وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْمَکْر مِنْهُ وَالْخَدِیعَة وَالسُّخْرِیَة . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِینَ آمَنُوا وَمَا یَخْدَعُونَ إلَّا أَنْفُسهمْ } عَلَى الْجَوَاب , کَقَوْلِ الرَّجُل لِمَنْ کَانَ یَخْدَعهُ إذَا ظَفَرَ بِهِ : أَنَا الَّذِی خَدَعْتُک وَلَمْ تَکُنْ مِنْهُ خَدِیعَة وَلَکِنْ قَالَ ذَلِکَ إذْ صَارَ الْأَمْر إلَیْهِ . قَالُوا : وَکَذَلِکَ قَوْله : { وَمَکَرُوا وَمَکَرَ اللَّه وَاَللَّه خَیْر الْمَاکِرِینَ } 3 54 وَاَللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ عَلَى الْجَوَاب , وَاَللَّه لَا یَکُون مِنْهُ الْمَکْر وَلَا الْهُزْء . وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمَکْر وَالْهُزْء حَاقّ بِهِمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَقَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } 4 142 وَقَوْله : { فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ } 9 79 و { نَسُوا اللَّه فَنَسِیَهُمْ } 9 67 وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ , إخْبَار مِنْ اللَّه أَنَّهُ مُجَازِیهمْ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء , وَمُعَاقِبهمْ عُقُوبَة الْخِدَاع . فَأَخْرَجَ خَبَره عَنْ جَزَائِهِ وَمَا إیَّاهُمْ وَعِقَابه لَهُمْ مَخْرَج خَبَره عَنْ فِعْلهمْ الَّذِی عَلَیْهِ اسْتَحَقُّوا الْعِقَاب فِی اللَّفْظ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَیَانِ , کَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَزَاء سَیِّئَة سَیِّئَة مِثْلهَا } 42 40 وَمَعْلُوم أَنَّ الْأُولَى مِنْ صَاحِبهَا سَیِّئَة إذْ کَانَتْ مِنْهُ لِلَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَى مَعْصِیَة , وَأَنَّ الْأُخْرَى عَدْل لِأَنَّهَا مِنْ اللَّه جَزَاء لِلْعَاصِی عَلَى الْمَعْصِیَة . فَهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَ لَفْظَاهُمَا مُخْتَلِفًا الْمَعْنَى . وَکَذَلِکَ قَوْله : { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ } 2 194 فَالْعُدْوَان الْأَوَّل ظُلْم , وَالثَّانِی جَزَاء لَا ظُلْم , بَلْ هُوَ عَدْل ; لِأَنَّهُ عُقُوبَة لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمه وَإِنْ وَافَقَ لَفْظه لَفْظ الْأَوَّل . وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَجَّهُوا کُلّ مَا فِی الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِکَ مِمَّا هُوَ خَبَر عَنْ مَکْر اللَّه جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْمٍ , وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ . وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّ مَعْنَى ذَلِکَ أَنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِینَ أَنَّهُمْ إذَا خَلَوْا إلَى مَرَدَتهمْ قَالُوا : إنَّا مَعَکُمْ عَلَى دِینکُمْ فِی تَکْذِیب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ , وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِر لَهُمْ مِنْ قَوْلنَا لَهُمْ صَدَّقْنَا بِمُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا جَاءَ بِهِ مُسْتَهْزِئُونَ . یَعْنُونَ : إنَّا نُظْهِر لَهُمْ مَا هُوَ عِنْدنَا بَاطِل لَا حَقّ وَلَا هُدًى . قَالُوا : وَذَلِکَ هُوَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِی الِاسْتِهْزَاء . فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ بِهِمْ فَیَظْهَر لَهُمْ مِنْ أَحْکَامه فِی الدُّنْیَا خِلَاف الَّذِی لَهُمْ عِنْده فِی الْآخِرَة , کَمَا أَظَهَرُوا لِلنَّبِیِّ صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِینَ فِی الدِّین مَا هُمْ عَلَى خِلَافه فِی سَرَائِرهمْ . وَالصَّوَاب فِی ذَلِکَ مِنْ الْقَوْل وَالتَّأْوِیل عِنْدنَا , أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء فِی کَلَام الْعَرَب : إظْهَار الْمُسْتَهْزِئ لِلْمُسْتَهْزَإِ بِهِ مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل مَا یُرْضِیه وَیُوَافِقهُ ظَاهِرًا , وَهُوَ بِذَلِکَ مِنْ قَیْله وَفِعْله بِهِ مُوَرِّثه مُسَاءَة بَاطِنًا , وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْخِدَاع وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر . وَإِذْ کَانَ ذَلِکَ کَذَلِکَ , وَکَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ النِّفَاق فِی الدُّنْیَا مِنْ الْأَحْکَام بِمَا أَظَهَرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه الْمُدْخِل لَهُمْ فِی عِدَاد مَنْ یَشْمَلهُ اسْم الْإِسْلَام وَإِنْ کَانُوا لِغَیْرِ ذَلِکَ مُسْتَبْطِنِینَ مِنْ أَحْکَام الْمُسْلِمِینَ الْمُصَدِّقِینَ إقْرَارهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِذَلِکَ بِضَمَائِر قُلُوبهمْ وَصَحَائِح عَزَائِمهمْ وَحَمِید أَفْعَالهمْ الْمُحَقِّقَة لَهُمْ صِحَّة إیمَانهمْ , مَعَ عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِکَذِبِهِمْ , وَاطِّلَاعه عَلَى خُبْث اعْتِقَادهمْ وَشَکّهمْ فِیمَا ادَّعَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّهُمْ مُصَدِّقُونَ حَتَّى ظَنُّوا فِی الْآخِرَة إذْ حُشِرُوا فِی عِدَاد مَنْ کَانُوا فِی عِدَادهمْ فِی الدُّنْیَا أَنَّهُمْ وَارِدُونَ مَوْرِدهمْ وَدَاخِلُونَ مَدْخَلهمْ , وَاَللَّه جَلَّ جَلَاله مَعَ إظْهَاره مَا قَدْ أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْکَام لِمُلْحَقَتِهِمْ فِی عَاجِل الدُّنْیَا وَآجِل الْآخِرَة إلَى حَال تَمْیِیزه بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ وَتَفْرِیقه بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ ; مُعَدٍّ لَهُمْ مِنْ أَلِیم عِقَابه وَنَکَال عَذَابه مَا أَعَدَّ مِنْهُ لِأَعْدَى أَعْدَائِهِ وَأَشَرّ عِبَاده , حَتَّى مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ فَأَلْحَقَهُمْ مِنْ طَبَقَات جَحِیمه بِالدَّرْکِ الْأَسْفَل . کَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِکَ مِنْ فِعْله بِهِمْ , وَإِنْ کَانَ جَزَاء لَهُمْ عَلَى أَفْعَالهمْ وَعَدْلًا مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِکَ بِهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إیَّاهُ مِنْهُ بِعِصْیَانِهِمْ لَهُ کَانَ بِهِمْ بِمَا أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأُمُور الَّتِی أَظْهَرَهَا لَهُمْ مِنْ إلْحَاقه أَحْکَامهمْ فِی الدُّنْیَا بِأَحْکَامِ أَوْلِیَائِهِ وَهُمْ لَهُ أَعْدَاء , وَحَشْره إیَّاهُمْ فِی الْآخِرَة مَعَ الْمُؤْمِنِینَ وَهُمْ بِهِ مِنْ الْمُکَذِّبِینَ إلَى أَنْ مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ , مُسْتَهْزِئًا وَسَاخِرًا وَلَهُمْ خَادِعًا وَبِهِمْ مَاکِرًا . إذْ کَانَ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر وَالْخَدِیعَة مَا وَصَفْنَا قَبْل , دُون أَنْ یَکُون ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی حَال فِیهَا الْمُسْتَهْزِئ بِصَاحِبِهِ لَهُ ظَالِم أَوْ عَلَیْهِ فِیهَا غَیْر عَادِل , بَلْ ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی کُلّ أَحْوَاله إذَا وُجِدَتْ الصِّفَات الَّتِی قَدَّمْنَا ذِکْرهَا فِی مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَمَا أَشَبَهه مِنْ نَظَائِره . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِیهِ رُوِیَ الْخَبَر عَنْ ابْن عَبَّاس . 307 - حَدَّثَنَا أَبُو کُرَیْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِید , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عَمَّار عَنْ أَبِی رَوْق , عَنْ الضَّحَّاک , عَنْ ابْن عَبَّاس فِی قَوْله : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ : یَسْخَر بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنْهُمْ . وَأَمَّا الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِکْره : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْه الْجَوَاب , وَأَنَّهُ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة ; فَنَافُونَ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ أَثَبَتَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَأَوْجَبَهُ لَهَا . وَسَوَاء قَالَ قَائِل : لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه جَلَّ ذِکْره اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة وَلَا سُخْرِیَة بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ وَیَسْخَر وَیَمْکُر بِهِ , أَوْ قَالَ : لَمْ یَخْسِف اللَّه بِمَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِ مِنْ الْأُمَم , وَلَمْ یُغْرِق مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُ مِنْهُمْ . وَیُقَال لِقَائِلِ ذَلِکَ : إنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ مَکَرَ بِقَوْمِ مَضَوْا قَبْلنَا لَمْ نَرَهُمْ , وَأَخْبَرَ عَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِمْ , وَعَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُمْ , فَصَدَّقْنَا اللَّه تَعَالَى ذِکْره فِیمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ ذَلِکَ , وَلَمْ نُفَرِّق بَیْن شَیْء مِنْهُ , فَمَا بُرْهَانک عَلَى تَفْرِیقک مَا فَرَّقْت بَیْنه بِزَعْمِک أَنَّهُ قَدْ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِهِ , وَلَمْ یَمْکُر بِهِ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ مَکَرَ بِهِ ؟ ثُمَّ نَعْکِس الْقَوْل عَلَیْهِ فِی ذَلِکَ فَلَنْ یَقُول فِی أَحَدهمَا شَیْئًا إلَّا أُلْزِمَ فِی الْآخَر مِثْله . فَإِنْ لَجَأَ إلَى أَنْ یَقُول إنَّ الِاسْتِهْزَاء عَبَث وَلَعِب , وَذَلِکَ عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْفِیّ . قِیلَ لَهُ : إنْ کَانَ الْأَمْر عِنْدک عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء , أَفَلَسْت تَقُول : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ وَمَکَرَ اللَّه بِهِمْ , وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه عِنْدک هُزْء وَلَا سُخْرِیَة ؟ فَإِنْ قَالَ : " لَا " کَذَّبَ بِالْقُرْآنِ وَخَرَجَ عَنْ مِلَّة الْإِسْلَام , وَإِنْ قَالَ : " بَلَى " , قِیلَ لَهُ : أَفَتَقُول مِنْ الْوَجْه الَّذِی قُلْت : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ ; یَلْعَب اللَّه بِهِمْ وَیَعْبَث , وَلَا لَعِب مِنْ اللَّه وَلَا عَبَث ؟ فَإِنْ قَالَ : " نَعَمْ " , وَصَفَ اللَّه بِمَا قَدْ أَجَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَفِیه عَنْهُ وَعَلَى تَخْطِئَة وَاصِفه بِهِ , وَأَضَافَ إلَیْهِ مَا قَدْ قَامَتْ الْحُجَّة مِنْ الْعُقُول عَلَى ضَلَال مُضِیفه إلَیْهِ . وَإِنْ قَالَ : لَا أَقُول یَلْعَب اللَّه بِهِ وَلَا یَعْبَث , وَقَدْ أَقُول یَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَیَسْخَر مِنْهُمْ ; قِیلَ : فَقَدْ فَرَّقْت بَیْن مَعْنَى اللَّعِب , وَالْعَبَث , وَالْهُزْء , وَالسُّخْرِیَة , وَالْمَکْر , وَالْخَدِیعَة . وَمِنْ الْوَجْه الَّذِی جَازَ قِیلَ هَذَا وَلَمْ یَجُزْ قِیلَ هَذَا افْتَرَقَ مَعْنَیَاهُمَا , فَعُلِمَ أَنَّ لِکُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مَعْنًى غَیْر مَعْنَى الْآخَر . وَلِلْکَلَامِ فِی هَذَا النَّوْع مَوْضِع غَیْر هَذَا کَرِهْنَا إطَالَة الْکِتَاب بِاسْتِقْصَائِهِ , وَفِیمَا ذَکَرْنَا کِفَایَة لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .
2
سوره بقره – آیات 15-20
جامع البیان (طبری)
اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ
الْقَوْل فِی تَأْوِیل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اُخْتُلِفَ فِی صِفَة اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ جَلَاله الَّذِی ذُکِرَ أَنَّهُ فَاعِله بِالْمُنَافِقِینَ الَّذِینَ وَصَفَ صِفَتهمْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ کَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا تَبَارَکَ اسْمه أَنَّهُ فَاعِل بِهِمْ یَوْم الْقِیَامَة فِی قَوْله تَعَالَى : { یَوْم یَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِینَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورکُمْ قِیلَ ارْجِعُوا وَرَاءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَیْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِیهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب یُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ قَالُوا بَلَى } 57 13 : 14 الْآیَة , وَکَاَلَّذِی أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فَعَلَ بِالْکُفَّارِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ خَیْرًا لِأَنْفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدَادُوا إثْمًا } 3 78 فَهَذَا وَمَا أَشَبَهه مِنْ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ وَعَزَّ وَسُخْرِیَّته وَمَکْره وَخَدِیعَته لِلْمُنَافِقِینَ وَأَهْل الشِّرْک بِهِ , عِنْد قَائِلِی هَذَا الْقَوْل وَمُتَأَوِّلِی هَذَا التَّأْوِیل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ : تَوْبِیخه إیَّاهُمْ وَلَوْمه لَهُمْ عَلَى مَا رَکِبُوا مِنْ مَعَاصِی اللَّه وَالْکُفْر بِهِ , کَمَا یُقَال : إنَّ فُلَانًا لَیَهْزَأ مِنْهُ الْیَوْم وَیَسْخَر مِنْهُ ; یُرَاد بِهِ تَوْبِیخ النَّاس إیَّاهُ وَلَوْمهمْ لَهُ , أَوْ إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ , کَمَا قَالَ عُبَیْد بْن الْأَبْرَص : سَائِل بِنَا حُجْر ابْن أَمْ قَطَام إذْ ظَلَّتْ بِهِ السُّمْر النَّوَاهِل تَلْعَب فَزَعَمُوا أَنَّ السُّمْر وَهِیَ الْقَنَا لَا لَعِب مِنْهَا , وَلَکِنَّهَا لَمَا قَتَلَتْهُمْ وَشَرَّدَتْهُمْ جَعَلَ ذَلِکَ مِنْ فِعْلهَا لَعِبًا بِمَنْ فَعَلَتْ ذَلِکَ بِهِ ; قَالُوا : فَکَذَلِکَ اسْتِهْزَاء اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمِنْ اسْتَهْزَأَ بِهِ مِنْ أَهْل النِّفَاق وَالْکُفْر بِهِ , إمَّا إهْلَاکه إیَّاهُمْ وَتَدْمِیره بِهِمْ وَإِمَّا إمْلَاؤُهُ لَهُمْ لِیَأْخُذهُمْ فِی حَال أَمْنهمْ عِنْد أَنْفُسهمْ بَغْتَة , أَوْ تَوْبِیخه لَهُمْ وَلِأَئِمَّتِهِ إیَّاهُمْ قَالُوا : وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْمَکْر مِنْهُ وَالْخَدِیعَة وَالسُّخْرِیَة . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِینَ آمَنُوا وَمَا یَخْدَعُونَ إلَّا أَنْفُسهمْ } عَلَى الْجَوَاب , کَقَوْلِ الرَّجُل لِمَنْ کَانَ یَخْدَعهُ إذَا ظَفَرَ بِهِ : أَنَا الَّذِی خَدَعْتُک وَلَمْ تَکُنْ مِنْهُ خَدِیعَة وَلَکِنْ قَالَ ذَلِکَ إذْ صَارَ الْأَمْر إلَیْهِ . قَالُوا : وَکَذَلِکَ قَوْله : { وَمَکَرُوا وَمَکَرَ اللَّه وَاَللَّه خَیْر الْمَاکِرِینَ } 3 54 وَاَللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ عَلَى الْجَوَاب , وَاَللَّه لَا یَکُون مِنْهُ الْمَکْر وَلَا الْهُزْء . وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمَکْر وَالْهُزْء حَاقّ بِهِمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْله : { إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَقَوْله : { یُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ } 4 142 وَقَوْله : { فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ } 9 79 و { نَسُوا اللَّه فَنَسِیَهُمْ } 9 67 وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ , إخْبَار مِنْ اللَّه أَنَّهُ مُجَازِیهمْ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء , وَمُعَاقِبهمْ عُقُوبَة الْخِدَاع . فَأَخْرَجَ خَبَره عَنْ جَزَائِهِ وَمَا إیَّاهُمْ وَعِقَابه لَهُمْ مَخْرَج خَبَره عَنْ فِعْلهمْ الَّذِی عَلَیْهِ اسْتَحَقُّوا الْعِقَاب فِی اللَّفْظ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَیَانِ , کَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَزَاء سَیِّئَة سَیِّئَة مِثْلهَا } 42 40 وَمَعْلُوم أَنَّ الْأُولَى مِنْ صَاحِبهَا سَیِّئَة إذْ کَانَتْ مِنْهُ لِلَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَى مَعْصِیَة , وَأَنَّ الْأُخْرَى عَدْل لِأَنَّهَا مِنْ اللَّه جَزَاء لِلْعَاصِی عَلَى الْمَعْصِیَة . فَهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَ لَفْظَاهُمَا مُخْتَلِفًا الْمَعْنَى . وَکَذَلِکَ قَوْله : { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ } 2 194 فَالْعُدْوَان الْأَوَّل ظُلْم , وَالثَّانِی جَزَاء لَا ظُلْم , بَلْ هُوَ عَدْل ; لِأَنَّهُ عُقُوبَة لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمه وَإِنْ وَافَقَ لَفْظه لَفْظ الْأَوَّل . وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَجَّهُوا کُلّ مَا فِی الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِکَ مِمَّا هُوَ خَبَر عَنْ مَکْر اللَّه جَلَّ وَعَزَّ بِقَوْمٍ , وَمَا أَشَبَه ذَلِکَ . وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّ مَعْنَى ذَلِکَ أَنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِینَ أَنَّهُمْ إذَا خَلَوْا إلَى مَرَدَتهمْ قَالُوا : إنَّا مَعَکُمْ عَلَى دِینکُمْ فِی تَکْذِیب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ , وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِر لَهُمْ مِنْ قَوْلنَا لَهُمْ صَدَّقْنَا بِمُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا جَاءَ بِهِ مُسْتَهْزِئُونَ . یَعْنُونَ : إنَّا نُظْهِر لَهُمْ مَا هُوَ عِنْدنَا بَاطِل لَا حَقّ وَلَا هُدًى . قَالُوا : وَذَلِکَ هُوَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِی الِاسْتِهْزَاء . فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ بِهِمْ فَیَظْهَر لَهُمْ مِنْ أَحْکَامه فِی الدُّنْیَا خِلَاف الَّذِی لَهُمْ عِنْده فِی الْآخِرَة , کَمَا أَظَهَرُوا لِلنَّبِیِّ صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِینَ فِی الدِّین مَا هُمْ عَلَى خِلَافه فِی سَرَائِرهمْ . وَالصَّوَاب فِی ذَلِکَ مِنْ الْقَوْل وَالتَّأْوِیل عِنْدنَا , أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء فِی کَلَام الْعَرَب : إظْهَار الْمُسْتَهْزِئ لِلْمُسْتَهْزَإِ بِهِ مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل مَا یُرْضِیه وَیُوَافِقهُ ظَاهِرًا , وَهُوَ بِذَلِکَ مِنْ قَیْله وَفِعْله بِهِ مُوَرِّثه مُسَاءَة بَاطِنًا , وَکَذَلِکَ مَعْنَى الْخِدَاع وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر . وَإِذْ کَانَ ذَلِکَ کَذَلِکَ , وَکَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ النِّفَاق فِی الدُّنْیَا مِنْ الْأَحْکَام بِمَا أَظَهَرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْإِقْرَار بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه الْمُدْخِل لَهُمْ فِی عِدَاد مَنْ یَشْمَلهُ اسْم الْإِسْلَام وَإِنْ کَانُوا لِغَیْرِ ذَلِکَ مُسْتَبْطِنِینَ مِنْ أَحْکَام الْمُسْلِمِینَ الْمُصَدِّقِینَ إقْرَارهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِذَلِکَ بِضَمَائِر قُلُوبهمْ وَصَحَائِح عَزَائِمهمْ وَحَمِید أَفْعَالهمْ الْمُحَقِّقَة لَهُمْ صِحَّة إیمَانهمْ , مَعَ عِلْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِکَذِبِهِمْ , وَاطِّلَاعه عَلَى خُبْث اعْتِقَادهمْ وَشَکّهمْ فِیمَا ادَّعَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّهُمْ مُصَدِّقُونَ حَتَّى ظَنُّوا فِی الْآخِرَة إذْ حُشِرُوا فِی عِدَاد مَنْ کَانُوا فِی عِدَادهمْ فِی الدُّنْیَا أَنَّهُمْ وَارِدُونَ مَوْرِدهمْ وَدَاخِلُونَ مَدْخَلهمْ , وَاَللَّه جَلَّ جَلَاله مَعَ إظْهَاره مَا قَدْ أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْکَام لِمُلْحَقَتِهِمْ فِی عَاجِل الدُّنْیَا وَآجِل الْآخِرَة إلَى حَال تَمْیِیزه بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ وَتَفْرِیقه بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ ; مُعَدٍّ لَهُمْ مِنْ أَلِیم عِقَابه وَنَکَال عَذَابه مَا أَعَدَّ مِنْهُ لِأَعْدَى أَعْدَائِهِ وَأَشَرّ عِبَاده , حَتَّى مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْن أَوْلِیَائِهِ فَأَلْحَقَهُمْ مِنْ طَبَقَات جَحِیمه بِالدَّرْکِ الْأَسْفَل . کَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِکَ مِنْ فِعْله بِهِمْ , وَإِنْ کَانَ جَزَاء لَهُمْ عَلَى أَفْعَالهمْ وَعَدْلًا مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِکَ بِهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إیَّاهُ مِنْهُ بِعِصْیَانِهِمْ لَهُ کَانَ بِهِمْ بِمَا أَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ الْأُمُور الَّتِی أَظْهَرَهَا لَهُمْ مِنْ إلْحَاقه أَحْکَامهمْ فِی الدُّنْیَا بِأَحْکَامِ أَوْلِیَائِهِ وَهُمْ لَهُ أَعْدَاء , وَحَشْره إیَّاهُمْ فِی الْآخِرَة مَعَ الْمُؤْمِنِینَ وَهُمْ بِهِ مِنْ الْمُکَذِّبِینَ إلَى أَنْ مَیَّزَ بَیْنهمْ وَبَیْنهمْ , مُسْتَهْزِئًا وَسَاخِرًا وَلَهُمْ خَادِعًا وَبِهِمْ مَاکِرًا . إذْ کَانَ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِیَة وَالْمَکْر وَالْخَدِیعَة مَا وَصَفْنَا قَبْل , دُون أَنْ یَکُون ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی حَال فِیهَا الْمُسْتَهْزِئ بِصَاحِبِهِ لَهُ ظَالِم أَوْ عَلَیْهِ فِیهَا غَیْر عَادِل , بَلْ ذَلِکَ مَعْنَاهُ فِی کُلّ أَحْوَاله إذَا وُجِدَتْ الصِّفَات الَّتِی قَدَّمْنَا ذِکْرهَا فِی مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء وَمَا أَشَبَهه مِنْ نَظَائِره . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِیهِ رُوِیَ الْخَبَر عَنْ ابْن عَبَّاس . 307 - حَدَّثَنَا أَبُو کُرَیْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِید , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عَمَّار عَنْ أَبِی رَوْق , عَنْ الضَّحَّاک , عَنْ ابْن عَبَّاس فِی قَوْله : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } قَالَ : یَسْخَر بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنْهُمْ . وَأَمَّا الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِکْره : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْه الْجَوَاب , وَأَنَّهُ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة ; فَنَافُونَ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ أَثَبَتَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَأَوْجَبَهُ لَهَا . وَسَوَاء قَالَ قَائِل : لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه جَلَّ ذِکْره اسْتِهْزَاء وَلَا مَکْر وَلَا خَدِیعَة وَلَا سُخْرِیَة بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ یَسْتَهْزِئ وَیَسْخَر وَیَمْکُر بِهِ , أَوْ قَالَ : لَمْ یَخْسِف اللَّه بِمَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِ مِنْ الْأُمَم , وَلَمْ یُغْرِق مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُ مِنْهُمْ . وَیُقَال لِقَائِلِ ذَلِکَ : إنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ مَکَرَ بِقَوْمِ مَضَوْا قَبْلنَا لَمْ نَرَهُمْ , وَأَخْبَرَ عَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ خَسَفَ بِهِمْ , وَعَنْ آخَرِینَ أَنَّهُ أَغْرَقَهُمْ , فَصَدَّقْنَا اللَّه تَعَالَى ذِکْره فِیمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ ذَلِکَ , وَلَمْ نُفَرِّق بَیْن شَیْء مِنْهُ , فَمَا بُرْهَانک عَلَى تَفْرِیقک مَا فَرَّقْت بَیْنه بِزَعْمِک أَنَّهُ قَدْ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِمِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْرَقَ وَخَسَفَ بِهِ , وَلَمْ یَمْکُر بِهِ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ مَکَرَ بِهِ ؟ ثُمَّ نَعْکِس الْقَوْل عَلَیْهِ فِی ذَلِکَ فَلَنْ یَقُول فِی أَحَدهمَا شَیْئًا إلَّا أُلْزِمَ فِی الْآخَر مِثْله . فَإِنْ لَجَأَ إلَى أَنْ یَقُول إنَّ الِاسْتِهْزَاء عَبَث وَلَعِب , وَذَلِکَ عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْفِیّ . قِیلَ لَهُ : إنْ کَانَ الْأَمْر عِنْدک عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ مَعْنَى الِاسْتِهْزَاء , أَفَلَسْت تَقُول : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ وَمَکَرَ اللَّه بِهِمْ , وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ اللَّه عِنْدک هُزْء وَلَا سُخْرِیَة ؟ فَإِنْ قَالَ : " لَا " کَذَّبَ بِالْقُرْآنِ وَخَرَجَ عَنْ مِلَّة الْإِسْلَام , وَإِنْ قَالَ : " بَلَى " , قِیلَ لَهُ : أَفَتَقُول مِنْ الْوَجْه الَّذِی قُلْت : { اللَّه یَسْتَهْزِئ بِهِمْ } وَسَخِرَ اللَّه مِنْهُمْ ; یَلْعَب اللَّه بِهِمْ وَیَعْبَث , وَلَا لَعِب مِنْ اللَّه وَلَا عَبَث ؟ فَإِنْ قَالَ : " نَعَمْ " , وَصَفَ اللَّه بِمَا قَدْ أَجَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَفِیه عَنْهُ وَعَلَى تَخْطِئَة وَاصِفه بِهِ , وَأَضَافَ إلَیْهِ مَا قَدْ قَامَتْ الْحُجَّة مِنْ الْعُقُول عَلَى ضَلَال مُضِیفه إلَیْهِ . وَإِنْ قَالَ : لَا أَقُول یَلْعَب اللَّه بِهِ وَلَا یَعْبَث , وَقَدْ أَقُول یَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَیَسْخَر مِنْهُمْ ; قِیلَ : فَقَدْ فَرَّقْت بَیْن مَعْنَى اللَّعِب , وَالْعَبَث , وَالْهُزْء , وَالسُّخْرِیَة , وَالْمَکْر , وَالْخَدِیعَة . وَمِنْ الْوَجْه الَّذِی جَازَ قِیلَ هَذَا وَلَمْ یَجُزْ قِیلَ هَذَا افْتَرَقَ مَعْنَیَاهُمَا , فَعُلِمَ أَنَّ لِکُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مَعْنًى غَیْر مَعْنَى الْآخَر . وَلِلْکَلَامِ فِی هَذَا النَّوْع مَوْضِع غَیْر هَذَا کَرِهْنَا إطَالَة الْکِتَاب بِاسْتِقْصَائِهِ , وَفِیمَا ذَکَرْنَا کِفَایَة لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .